إذا ثبت هذا فلا بد أن نفرغ على قالب القولين وننسج على منوال الفريقين ، فنقول : أما إذا قلنا إن المراد به
النحر يوم الضحى فقد تقدم ذكره وسببه في سورة " والصافات " وغيرها . والأصل في ذلك قصة
إبراهيم في ولده
إسماعيل ، وما بينه الله فيه للأمة ، وجعله لهم قدوة ، وشرع تلك الملة .
وقد اختلف العلماء فيه على أربعة أقوال : القول الأول أنها واجبة ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
وابن حبيب .
وقال
ابن القاسم : إن اشتراها وجبت . وهو الثاني .
الثالث أنها سنة واجبة ; قاله
محمد بن المواز .
الرابع أنها سنة مستحسنة ، وهو أشهر الأقوال عندنا .
وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر : الأضحية واجبة هي ؟ فقال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحى المسلمون ، كما قال : أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوتر المسلمون .
وتعلق من أوجبها بقوله : {
فصل لربك وانحر } ، وبقوله : {
ملة أبيكم إبراهيم } .
وقد تقرب بدم واجب في يوم النحر ، فليتقرب كل من كان على ملته بدم واجب ; لأن الجميع قد ألزم الملة المذكورة .
[ ص: 397 ]
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21681على أهل كل بيت أضحاة وعتيرة } . والعتيرة هي الرجبية .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=41483وقال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=177لأبي بردة بن نيار حين ذبح الجذعة في الأضحية : تجزيك ، ولن تجزي عن أحد بعدك } . ولا يقال تجزي إلا في الواجب .
قلنا : أما قوله : {
فصل لربك وانحر } فقد بينا اختلاف الناس فيه ، وما اخترناه من ذلك فلاحتماله تسقط الحجة منه .
وأما قوله : {
ملة أبيكم } فملة أبينا
إبراهيم تشتمل على فرائض وفضائل وسنن ، ولا بد في تعيين كل قسم منها من دليل .
وأما قوله عليه السلام : {
تجزيك ولن تجزي عن أحد بعدك } ، فكذلك يقال تجزيك في السنة كما يقال في الفرض ، فلكل واحد شرعه ، وفيه شرطه ، ومنه إجزاؤه أو رده .
وأما قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21681على أهل كل بيت أضحاة وعتيرة } فيعارضه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36409من رأى منكم هلال ذي الحجة ، وأراد أن يضحي فلا يحلقن شعرا ، ولا يقلمن ظفرا حتى ينحر ضحيته } . فعلق الأضحية بالإرادة ، والواجب لا يتوقف عليها ; بل هو فرض أراد المكلف أو لم يرد .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ،
وأبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=3573أمرت بيوم الأضحى ، عيد جعله الله لهذه الأمة . قال رجل : أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أهلي أضحي بها ؟ قال : لا ، ولكن تأخذ من شعرك وأظافرك ، وتقص شاربك ، وتحلق عانتك ; فذلك تمام أضحيتك } .
قال القاضي
أبو بكر بن محمد بن العربي : أنبأنا قراءة عليه عن
أبي يوسف البغدادي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عن
عمر بن أحمد بن عثمان ، حدثنا
محمد بن هارون الحضرمي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف ، عن
عامر بن حذيفة بن أسيد ، قال : لقد رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر وهما يضحيان عن أهلهما خشية أن يستن بهما . قال : فلما جئت
[ ص: 398 ] بلادكم هذه حملني أهلي على الجفاء بعد ما علمت السنة ، فقد تعارضت الأدلة ، والأصل براءة الذمة ، وهذا محقق في مسائل الخلاف ، وهذا القدر يكفي من القرآن والسنة .