الآية الموفية سبعين
قوله تعالى : {
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف } فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : قوله تعالى : {
فبلغن أجلهن } والبلوغ هاهنا حقيقة لا مجاز فيها ; لأنه لو كان معناه قاربن البلوغ كما في الآية قبلها لما خرجت به الزوجة عن حكم الزوج في الرجعة ، فلما قال تعالى : {
فلا تعضلوهن } تبين أن البلوغ قد وقع في انقضاء العدة ، وأن الزوج قد سقط حقه من الرجعة .
المسألة الثانية : قوله تعالى : {
فلا تعضلوهن } العضل يتصرف على وجوه مرجعها إلى المنع ، وهو المراد هاهنا ; فنهى الله تعالى أولياء المرأة من منعها عن نكاح من ترضاه .
وهذا دليل قاطع على أن المرأة لا حق لها
[ ص: 272 ] في مباشرة النكاح ، وإنما هو حق الولي ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة ، ولولا ذلك لما نهاه الله عن منعها .
وقد صح أن
معقل بن يسار كانت له أخت فطلقها زوجها ، فلما انقضت عدتها خطبها ، فأبى
nindex.php?page=showalam&ids=249معقل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ولو لم يكن له حق لقال الله تعالى لنبيه عليه السلام : لا كلام
nindex.php?page=showalam&ids=249لمعقل في ذلك . وفي الآية أسئلة كثيرة يقطعها هذا الحديث الصحيح ، خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . فإن قيل : السبب الذي رويتم يبطل نظم الآية ; لأن الولي إذا كان هو المنكح فكيف يقال له : لا تمتنع من فعل نفسك ، وهذا محال . قلنا : ليس كما ذكرتم ، للمرأة حق الطلب للنكاح ، وللولي حق المباشرة للعقد ; فإذا أرادت من يرضى حاله ، وأبى الولي من العقد فقد منعها مرادها ، وهذا بين .
المسألة الثالثة : قوله تعالى : {
إذا تراضوا بينهم بالمعروف } يعني إذا كان لها كفؤا ، لأن الصداق في الثيب المالكة أمر نفسها لا حق للولي فيه ، والآية نزلت في ثيب مالكة أمر نفسها ، فدل على أن المعروف المراد بالآية هو الكفاءة ، وفيها حق عظيم للأولياء ، لما في تركها من إدخال العار عليهم ; وذلك إجماع من الأمة .