المسألة الثامنة والثلاثون : ظن من رأى الإشهاد في الدين واجبا أن سقوطه في بيع النقد رفع للمشقة لكثرة تردده .
والظاهر الصحيح أن الإشهاد ليس واجبا ، وإنما الأمر به أمر إرشاد للتوثق والمصلحة ، وهو في النسيئة محتاج إليه ; لكون العلاقة بين المتعاقدين باقية ; توثقا لما عسى أن يطرأ من اختلاف الأحوال وتغير القلوب ، فأما إذا تفاصلا في المعاملة وتقابضا ، وبان كل واحد منهما من صاحبه فيقل في العادة خوف التنازع إلا بأسباب عارضة ، ونبه الشرع على هذه المصالح في حالتي النسيئة والنقد .
المسألة التاسعة والثلاثون : قوله تعالى : {
فليس عليكم جناح ألا تكتبوها } يدل على
سقوط الإشهاد في النقد ، وأن قوله تعالى : {
وأشهدوا إذا تبايعتم } أمر إرشاد ، ويدل على أن عليه جناحا في ترك الإشهاد في الدين من دليل الخطاب
[ ص: 342 ] ونحن لا نقول به في هذا النوع ، وقد بيناه في أصول الفقه ومسائل الخلاف .
والجناح هاهنا ليس الإثم ، إنما هو الضرر الطارئ بترك الإشهاد من التنازع .