الآية الموفية خمسين :
قوله تعالى : {
لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما }
هذه الآية آية بكر لم يبلغني عن أحد فيها ذكر ، والذي
عندي فيها أن الله تعالى أمر عباده بأمرين عظيمين :
[ ص: 627 ]
أحدهما :
الإخلاص ، وهو أن يستوي ظاهر المرء وباطنه .
والثاني :
النصيحة لكتاب الله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم .
فالنجوى خلاف هذين الأصلين ، وبعد هذا فلم يكن بد للخلق من أمر يختصون به في أنفسهم ، ويخص به بعضهم بعضا ، فرخص في ذلك بصفة الأمر بالمعروف ; والحث على الصدقة ، والسعي في إصلاح ذات البين . إذا ثبت هذا الأصل ففيها أربع مسائل :
المسألة الأولى قوله تعالى : {
لا خير في كثير من نجواهم } : يحتمل أن يكون النجوى مصدرا ، كالبلوى والعدوى ، ويحتمل أن يكون اسما للمنتجين كما قال : {
وإذ هم نجوى } . فإن كان بمعنى المنتجين فقوله : {
إلا من أمر بصدقة } استثناء شخص من شخص ، وإن كان مصدرا جاز الاستثناء على حذف تقديره : إلا نجوى من أمر بصدقة .