الآية الحادية والخمسون :
قوله تعالى {
ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا } . فيها ثماني مسائل :
[ ص: 629 ]
المسألة الأولى : روى
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=449أتيت النبي صلى الله عليه وسلم قشف الهيئة ، فصعد في النظر وصوبه فقال : هل لك من مال ؟ قلت : نعم . قال : من أي المال ؟ قلت : من كل المال آتاني الله فأكثر وأطيب ; الخيل والإبل والرقيق والغنم . قال : فإذا آتاك الله مالا فلير عليك . ثم قال : هل تنتج إبل قومك صحاحا آذانها فتعمد إلى الموسي فتشق آذانها ، فتقول : هذه بحر ; وتشق جلودها ، وتقول : هذه صرم لتحرمها عليك وعلى أهلك ؟ قال : قلت : أجل . قال : فكل ما أتاك الله حل وموسى الله أحد ، وساعده أشد الحديث } .
المسألة الثانية : لما كان من إبليس ما كان من الامتناع من السجود والاعتراض على الآمر به بالتسفيه أنفذ الله فيه حكمه وأحق عليه لعنته ، فسأله النظرة ، فأعطاه إياها زيادة في لعنته ، فقال لربه : {
لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } وكان ما أراد ، وفعلت
العرب ما وعد به الشيطان ، كما تقدم في الحديث ، وذلك تعذيب للحيوان وتحريم ، وتحليل بالطغيان ، وقول بغير حجة ولا برهان ، والآذان في الأنعام جمال ومنفعة ، فلذلك رأى الشيطان أن يغير بها خلق الله تعالى ، ويركب على ذلك التغيير الكفر به ، لا جرم {
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الأضحية أن تستشرف العين والآذان في الأنعام } ، معناه أن تلحظ الأذن ; لئلا تكون مقطوعة أو مشقوقة ; فتجتنب من جهة أن فيها أثر الشيطان . وفي الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38181نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان } ، وهي هذه ، وشبهها
[ ص: 630 ] مما وفى فيها للشيطان بشرطه حين قال : {
فليبتكن آذان الأنعام وليغيرن خلق الله } .
المسألة الثالثة : ثبت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4133أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسم الغنم في آذانها } ، وكأن هذا مستثنى من
تغيير خلق الله .
المسألة الرابعة : {
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقلد الهدي ويشعره أي يشق جلده ، ويقلده نعلين ، ويساق إلى مكة نسكا } ; وهذا مستثنى من تغيير خلق الله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : هو بدعة ; كأنه لم يسمع بهذه الشعيرة في الشريعة ، لهي [ فيها ] أشهر منه في العلماء . المسألة الخامسة :
وسم الإبل والدواب بالنار في أعناقها وأفخاذها مستثنى من التغيير لخلق الله تعالى كاستثناء ما سلف .