المسألة الرابعة والعشرون : قوله تعالى : {
وأيديكم } : اليد : عبارة عما بين المنكب والظفر ، وهي ذات أجزاء وأسماء ; منها المنكب ، ومنها الكف ، والأصابع ، وهو محل البطش والتصرف العام في المنافع ، وهو معنى
[ ص: 58 ] اليد ، وغسلهما في الوضوء مرتين : إحداهما عند أول محاولة الوضوء وهو سنة ، والثانية في أثناء الوضوء ، وهو فرض . ومعنى غسلهما عند الوضوء تنظيف اليدين لإدخالها [ في ] الإناء ومحاولة نقل الماء بهما ، ولا سيما عند الاستيقاظ من النوم ، فقد روى جميع الأئمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9623إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ; فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده } . وروى
عثمان وغيره صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلهم ذكروا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7789أنه غسل يديه ثلاث مرات ، ثم مضمض واستنثر } ، حتى بلغ مكانهما من علمائنا أن جعلوهما من سنن الوضوء . فقال
ابن القاسم : إذا
غسل يديه ثم تمضمض ثم تمادى في الوضوء ثم أحدث في أثنائه فإنه يعيد غسل يديه كما يعيد ما سبق من الوضوء . المسألة الخامسة والعشرون : قوله تعالى : {
إلى المرافق } : فذكرها . واختلف العلماء في وجوب
إدخالهما في الغسل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك روايتان ، وذكر أهل التأويل في ذلك ثلاثة أقاويل :
الأول : أن {
إلى } بمعنى مع ، كما قال الله تعالى : {
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } معناه مع أموالكم .
الثاني : أن {
إلى } حد ، والحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه ، تقول :
[ ص: 59 ] بعتك هذا الفدان من هاهنا إلى هاهنا ، فيدخل الحد فيه . ولو قلت : من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة ما دخل الحد في الفدان .
الثالث : أن المرافق حد الساقط لا حد المفروض ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب . وما رأيته لغيره . وتحقيقه أن قوله : {
وأيديكم } يقتضي بمطلقه من الظفر إلى المنكب ، فلما قال : {
إلى المرافق } أسقط ما بين المنكب والمرفق ، وبقيت المرافق مغسولة إلى الظفر ; وهذا كلام صحيح يجري على الأصول لغة ومعنى .
وأما قولهم : إن {
إلى } بمعنى مع فلا سبيل إلى وضع حرف موضع حرف ، إنما يكون كل حرف بمعناه ، وتتصرف معاني الأفعال ، ويكون معنى التأويل فيها لا في الحروف . ومعنى قوله : {
إلى المرافق } على التأويل الأول : فاغسلوا أيديكم مضافة إلى المرافق ، وكذلك قوله : {
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } معناه مضافة إلى أموالكم . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4365أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توضأ أدار الماء على مرفقيه } .