المسألة الرابعة عشرة : [ متعلق
المسروق منه ] : فهو الحرز الذي نصب عادة لحفظ الأموال ، وهو يختلف في كل شيء بحسب حاله . والأصل في اعتبار الحرز الأثر والنظر . أما الأثر : فقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31014لا قطع في ثمر ولا كثر إلا ما أواه الجرين } .
[ ص: 111 ]
وأما النظر فهو أن الأموال خلقت مهيأة للانتفاع للخلق أجمعين ، ثم بالحكمة الأولية التي بيناها في سورة البقرة حكم فيها بالاختصاص الذي هو الملك شرعا ، وبقيت الأطماع معلقة بها ، والآمال محومة عليها ، فتكفها المروءة والديانة في أقل الخلق ، ويكفها الصون والحرز عن أكثرهم ، فإذا أحرزها مالكها فقد اجتمع بها الصونان ، فإذا هتكا فحشت الجريمة فعظمت العقوبة ; وإذا هتك أحد الصونين وهو الملك وجب الضمان والأدب ; وذلك لأن المالك لا يمكنه بعد الحرز في الصون شيء ، لما كان غاية الإمكان ركب عليه الشرع غاية العقوبة من عنده ردعا وصونا ، والأمة متفقة على اعتبار الحرز في القطع في السرقة ; لاقتضاء لفظها ، ولا تضمن حكمتها وجوبه ، ولم أعلم من ترك اعتباره من العلماء ، ولا تحصل لي من يهمله من الفقهاء ، وإنما هو خلاف يذكر ، وربما نسب إلى من لا قدر له ، فلذلك أعرضت عن ذكره ، ولهذا المعنى أجمعت الأمة أنه
لا قطع على المختلس والمنتهب لعدم الحرز فيه ، فلما لم يهتك حرزا لم يلزمه أحد قطعا .