قوله : ( الذهب بالذهب ) يدخل في الذهب جميع أنواعه من مشروب ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخالص ومغشوش ، وقد نقل النووي وغيره الإجماع على ذلك . قوله : ( إلا مثلا بمثل ) هو مصدر في موضع الحال أي : الذهب يباع بالذهب موزونا بموزون أو مصدر مؤكد أي : يوزن وزنا بوزن ، وقد جمع بين المثل والوزن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم المذكورة . قوله : ( ولا تشفوا ) بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء رباعي من أشف ، والشف بالكسر الزيادة ، ويطلق على النقص ، والمراد هنا لا تفضلوا . قوله : ( بناجز ) بالنون والجيم والزاي أي : لا تبيعوا مؤجلا بحال ، ويحتمل أن يراد بالغائب أعم من المؤجل كالغائب عن المجلس مطلقا ، مؤجلا كان أو حالا ، والناجز الحاضر . قوله : ( والفضة بالفضة ) يدخل في ذلك جميع أنواع الفضة كما سلف في الذهب . قوله : ( والبر بالبر ) بضم الباء وهو الحنطة والشعير بفتح أوله ، ويجوز الكسر وهو معروف ، وفيه رد على من قال : إن الحنطة والشعير صنف واحد وهو nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث [ ص: 227 ] والأوزاعي وتمسكوا بقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14557الطعام بالطعام } كما سيأتي ، ويأتي الكلام على ذلك .
قوله : ( فمن زاد ) . . . إلخ ، فيه التصريح بتحريم ربا الفضل وهو مذهب الجمهور للأحاديث الكثيرة المذكورة في الباب وغيرها فإنها قاضية بتحريم بيع هذه الأجناس بعضها ببعض متفاضلا وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه يجوز ربا الفضل ثم رجع عن ذلك ، وكذلك روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختلف في رجوعه فروى nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أنه رجع عن ذلك لما ذكر له nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد حديثه الذي في الباب واستغفر الله وكان ينهى عنه أشد النهي ، وروي مثل قولهما عن nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير واستدلوا على جواز ربا الفضل بحديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة عند الشيخين وغيرهما بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12432إنما الربا في النسيئة } زاد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=30749لا ربا فيما كان يدا بيد } وأخرج الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن أبي المنهال قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب عن الصرف قالا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38375نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا } ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة " قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن الصرف فقال : إلا يدا بيد ، قلت : نعم ، قال : فلا بأس ، فأخبرت nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد فقال : أوقال ذلك ؟ إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه " ، وله من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا وإني لقاعد عند nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، فسألته عن الصرف . فقال : ما زاد فهو ربا ، فأنكرت ذلك لقولهما ، فذكرت الحديث ، قال : فحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16237أبو الصهباء أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه فكرهه قال في الفتح : واتفق العلماء على صحة حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد . فقيل : إن حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة منسوخ لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال
، وقيل : المعنى في قوله ( لا ربا ) الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد كما تقول العرب : لا عالم في البلد إلا زيد مع أن فيها علماء غيره .
وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل ، وأيضا نفي تحريم ربا الفضل من حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة إنما هو بالمفهوم فيقدم عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ; لأن دلالته بالمنطوق ، ويحمل حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة على الربا الأكبر ا هـ .
ويمكن الجمع أيضا بأن يقال : مفهوم حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة عام ; لأنه يدل على نفي ربا الفضل عن كل شيء سواء كان من الأجناس المذكورة في أحاديث الباب أم لا فهو أعم منها مطلقا فيخصص هذا المفهوم بمنطوقها . وأما ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه لا ربا فيما كان يدا بيد كما تقدم فليس ذلك مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون دلالته على نفي ربا الفضل منطوقة ، ولو كان مرفوعا لما رجع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واستغفر لما حدثه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد بذلك كما تقدم .
وقد روى الحازمي رجوع nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واستغفاره عندما سمع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل على تحريم ربا الفضل وقال : حفظتما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم [ ص: 228 ] أحفظ وروى عنه الحازمي أيضا أنه قال : كان ذلك برأيي وهذا nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى تسليم أن ذلك الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوع ، فهو عام مخصص بأحاديث الباب ; لأنها أخص منه مطلقا .
وأيضا الأحاديث القاضية بتحريم ربا الفضل ثابتة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما قال الترمذي بعد أن ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : وفي الباب عن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وهشام بن عامر nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء nindex.php?page=showalam&ids=68وزيد بن أرقم nindex.php?page=showalam&ids=16789وفضالة بن عبيد وأبي بكرة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال ا هـ .
وقد ذكر المصنف بعض ذلك في كتابه هذا ، وخرج الحافظ في التلخيص بعضها ، فلو فرض معارضة حديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة لها من جميع الوجوه وعدم إمكان الجمع أو الترجيح بما سلف لكان الثابت عن الجماعة أرجح من الثابت عن الواحد . قوله : ( ولا الورق بالورق ) بفتح الواو وكسر الراء وبإسكانها على المشهور ويجوز فتحها ، كذا في الفتح وهو الفضة ، وقيل : بكسر الواو : المضروبة ، وبفتحها المال .
والمراد هنا جميع أنواع الفضة مضروبة وغير مضروبة . قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=29927إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء } الجمع بين هذه الألفاظ لقصد التأكيد أو للمبالغة . قوله : ( إلا ما اختلفت ألوانه ) المراد أنهما اختلفا في اللون اختلافا يصير به كل واحد منهما جنسا غير جنس مقابله ، فمعناه معنى ما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم { إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم } . وسنذكر إن شاء الله ما يستفاد منه .
2247 - ( وعن الحسن عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=34825ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا ، وما كيل فمثل ذلك فإذا اختلف النوعان فلا بأس به } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ) . حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة أشار إليه في التلخيص ولم يتكلم عليه وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=14358الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة ، وقد أخرج هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار أيضا ويشهد لصحته حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة المذكور أولا وغيره من الأحاديث .
قوله : ( كيف شئنا ) هذا الإطلاق مقيد بما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة من قوله ( إذا كان يدا بيد ) فلا بد في بيع بعض الربويات من التقابض ولا سيما في الصرف وهو بيع الدراهم بالذهب وعكسه فإنه متفق على اشتراطه وظاهر هذا الإطلاق والتفويض إلى المشيئة أنه يجوز بيع الذهب بالفضة ، والعكس ، وكذلك سائر الأجناس الربوية إذا بيع بعضها ببعض من غير تقييد بصفة من الصفات غير صفة القبض ويدخل في ذلك بيع الجزاف وغيره .
قوله : ( إلا هاء وهاء ) بالمد فيهما وفتح الهمزة وقيل : بالكسر وقيل : بالسكون ، وحكي القصر بغير همز ، وخطأها nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ورد عليه النووي وقال : هي صحيحة لكن قليلة والمعنى خذ وهات وحكي بزيادة كاف مكسورة ويقال : هاء بكسر الهمزة بمعنى هات وبفتحها بمعنى خذ ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : هاء وهاء أن يقول كل واحد من البيعين هاء فيعطيه ما في يده وقيل : معناهما خذ وأعط قال : وغير nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي يجيز فيه السكون .
وقال ابن مالك : هاء اسم فعل بمعنى خذ ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : هاء كلمة تستعمل عند المناولة والمقصود من قوله : هاء وهاء أن يقول كل واحد من المتعاقدين لصاحبه : هاء فيتقابضان في المجلس قال : فالتقدير لا تبيعوا الذهب بالورق إلا مقولا بين المتعاقدين هاء وهاء قوله : ( فإذا اختلفت هذه الأصناف ) . . . إلخ ظاهر هذا أنه لا يجوز بيع جنس ربوي بجنس آخر إلا مع القبض ، ولا يجوز مؤجلا ولو اختلفا [ ص: 230 ] في الجنس والتقدير كالحنطة والشعير بالذهب والفضة ، وقيل : يجوز مع الاختلاف المذكور إنما يشترط التقابض في الشيئين المختلفين جنسا المتفقين تقديرا كالفضة بالذهب والبر بالشعير ، إذ لا يعقل التفاضل والاستواء إلا فيما كان كذلك ويجاب بأن مثل هذا لا يصلح لتخصيص النصوص وتقييدها .
وكون التفاضل والاستواء لا يعقل في المختلفين جنسا وتقديرا ممنوع والسند أن التفاضل معقول لو كان الطعام يوزن أو النقود تكال ولو في بعض الأزمان والبلدان ، ثم إنه قد يبلغ ثمن الطعام إلى مقدار من الدراهم كثير عند شدة الغلاء بحيث يعقل أن يقال : الطعام أكثر من الدراهم وما المانع من ذلك ؟ .
وأما الاستدلال على جواز ذلك بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13500اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما بنسيئة وأعطاه درعا له رهنا } فلا يخفى أن غاية ما فيه أن يكون مخصصا للنص المذكور لصورة الرهن ، فيجوز في هذه الصورة لا في غيرها لعدم صحة إلحاق ما لا عوض فيه عن الثمن بما فيه عوض عنه وهو الرهن نعم إن صح الإجماع الذي حكاه المغربي في شرح بلوغ المرام فإنه قال : وأجمع العلماء على جواز بيع الربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلا أو مؤجلا كبيع الذهب بالحنطة وبيع الفضة بالشعير وغيره من المكيل ا هـ كان ذلك هو الدليل على الجواز عند من كان يرى حجية الإجماع .
وأما إذا كان الربوي يشارك مقابله في العلة ، فإن كان بيع الذهب بالفضة أو العكس فقد تقدم أنه يشترط التقابض إجماعا ، وإن كان في غير ذلك من الأجناس كبيع البر بالشعير أو بالتمر أو العكس .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة والجمهور : إن المعتبر التقابض في المجلس وإن تراخى عن الإيجاب ، والظاهر الأول ولكنه أخرج nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13490اشتر الذهب بالفضة ، فإذا أخذت واحدا منهما فلا تفارق صاحبك وبينكما لبس } فيمكن أن يقال : إن هذه الرواية تدل على اعتبار المجلس . قوله : ( أن يبيع البر بالشعير ) . . . إلخ ، فيه كما قال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف تصريح بأن البر والشعير جنسان وهو مذهب الجمهور
وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث والأوزاعي كما تقدم أنهما جنس واحد وبه قال معظم علماء المدينة وهو محكي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد وغيرهما من السلف ، وتمسكوا بقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14557الطعام بالطعام } كما في حديث معمر بن عبد الله المذكور .
فيكون حكمه حكمها في تحريم التفاضل بين النساء مع الاتفاق في الجنس ، وتحريم النساء فقط مع الاختلاف في الجنس والاتفاق في العلة فقالت الظاهرية : إنه لا يلحق بها غيرها في ذلك .
وذهب من عداهم من العلماء إلى أنه يلحق بما يشاركها في العلة ، ثم اختلفوا في العلة ما هي ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هي الاتفاق في الجنس والطعم فيما عدا النقدين .
وأما هما فلا يلحق بهما غيرهما من الموزونات واستدل على اعتبار الطعام بقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14557الطعام بالطعام } وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في النقدين كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفي غيرهما العلة الجنس والتقدير والاقتيات وقال nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة : بل اتفاق الجنس ووجوب الزكاة وقالت العترة جميعا : بل العلة في جميعها اتفاق الجنس والتقدير بالكيل والوزن ، واستدلوا على ذلك بذكره صلى الله عليه وسلم للكيل والوزن في أحاديث الباب .
ويدل على ذلك أيضا حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور فإنه حكم فيه على كل موزون مع اتحاد نوعه وعلى كل مكيل كذلك بأنه مثل بمثل فأشعر بأن الاتفاق في أحدهما مع اتحاد النوع موجب لتحريم التفاضل بعموم النص لا بالقياس وبه يرد على الظاهرية ; لأنهم إنما منعوا من الإلحاق لنفيهم للقياس ، ومما يؤيد ذلك ما سيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الميزان مثل ما قال في المكيل على ما سيبينه nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف إن شاء الله تعالى ، وإلى مثل ما ذهبت إليه العترة ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه كما حكى ذلك عنه المهدي في البحر ، وحكى عنه أن يقول : العلة في الذهب الوزن ، وفي الأربعة الباقية كونها مطعومة موزونة أو مكيلة .
قوله : ( جنيب ) بفتح الجيم وكسر النون وسكون التحتية وآخره موحدة اختلف في تفسيره فقيل : هو الطيب ، وقيل : الصلب ، وقيل : ما أخرج منه حشفه ورديئه ، وقيل : ما لا يختلط بغيره ، وقال في القاموس : إن الجنيب تمر جيد . قوله : ( بع الجمع ) بفتح الجيم وسكون الميم قال في الفتح : هو التمر المختلط بغيره ، وقال في القاموس : هو الدقل أو صنف من التمر .
والحديث يدل على أنه لا يجوز بيع رديء الجنس بجيده متفاضلا وهذا أمر مجمع عليه لا خلاف بين أهل العلم فيه وأما سكوت الرواة عن فسخ المذكور فلا يدل على عدم الوقوع إما ذهولا وإما اكتفاء بأن ذلك معلوم ، وقد ورد في بعض طرق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=69671هذا هو الربا } فرده كما نبه على ذلك في الفتح وقد استدل أيضا بهذا الحديث على جواز بيع العينة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يشتري بثمن الجمع جنيبا ، ويمكن أن يكون بائع الجنيب منه هو الذي اشترى منه الجمع ، فيكون قد عادت إليه الدراهم التي هي عين ماله ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بأن يشتري الجنيب من غير من باع منه الجمع ، وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم . قال في الفتح : وتعقب بأنه مطلق والمطلق لا يشمل ، فإذا عمل به في صورة سقط الاحتجاج به في غيرها فلا يصح الاستدلال به على جواز الشراء ممن باع منه تلك السلعة بعينها انتهى .
وسيأتي الكلام على بيع العينة قوله : ( وقال في الميزان مثل ذلك ) أي : مثل ما قال في المكيل من أنه لا يجوز بيع بعض الجنس منه ببعضه متفاضلا ، وإن اختلفا في الجودة والرداءة بل يباع رديئه بالدراهم ثم يشترى بهذا الجيد والمراد بالميزان هنا الموزون . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه الله: وهو حجة في جريان الربا في الموزونات كلها ; لأن قوله ( في الميزان ) أي : في الموزون وإلا فنفس الميزان ليست من أموال الربا انتهى .