قوله : ( كتاب السلم ) هو بفتح السين المهملة واللام كالسلف وزنا ومعنى . وحكي في الفتح عن الماوردي أن السلف لغة أهل العراق ، والسلم لغة أهل الحجاز وقيل : السلف تقديم رأس المال ، والسلم تسليمه في المجلس ، فالسلف أعم قال في الفتح : والسلم شرعا : بيع موصوف في الذمة ، وزيد في الحد ببدل يعطى عاجلا ، وفيه نظر لأنه ليس داخلا في حقيقته قال : واتفق العلماء على مشروعيته إلا ما حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، واختلفوا في بعض شروطه ، واتفقوا على أنه يشترط له ما يشترط للبيع ، وعلى تسليم رأس المال في المجلس واختلفوا هل هو عقد غرر جوز للحاجة أم لا ؟ ا هـ
قوله : ( يسلفون ) بضم أوله قوله : ( السنة والسنتين ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري " عامين أو ثلاثة " والسنة بالنصب على الظرفية أو على المصدر ، وكذلك لفظ سنتين وعامين قوله : ( في كيل معلوم ) احترز بالكيل عن السلم في الأعيان ، وبقوله : " معلوم " عن المجهول من المكيل والموزون ، { وقد كانوا في المدينة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون في ثمار نخيل بأعيانها ، فنهاهم عن ذلك } لما فيه من الغرر ، إذ قد تصاب تلك النخيل بعاهة فلا تثمر شيئا قال الحافظ : واشتراط تعيين الكيل فيما يسلم فيه من المكيل متفق عليه من أجل اختلاف المكاييل إلا أن لا يكون في البلد سوى كيل واحد فإنه ينصرف إليه عند الإطلاق
قوله : ( إلى أجل معلوم ) فيه دليل على اعتبار الأجل في السلم ، وإليه ذهب الجمهور ، وقالوا : لا يجوز السلم حالا ، وقالت الشافعية : يجوز ، قالوا : ; لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فجوازه حالا أولى ، وليس ذكر الأجل في الحديث لأجل الاشتراط بل معناه إن كان لأجل فليكن معلوما وتعقب بالكتابة فإن التأجيل شرط فيها وأجيب بالفرق ; لأن الأجل في الكتابة [ ص: 269 ] شرع لعدم قدرة العبد غالبا ، واستدل الجمهور على اعتبار التأجيل بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ، ثم قرأ : { يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } ويجاب بأن هذا يدل على جواز السلم إلى أجل ، ولا يدل على أنه لا يجوز إلا مؤجلا وبما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : " لا تسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا " ويجاب بأن هذا ليس بحجة ; لأنه موقوف عليه
وكذلك يجاب عن قول nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الذي علقه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ووصله nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بلفظ : السلم بما يقوم به السعر ربا ، ولكن السلف في كيل معلوم إلى أجل " وقد اختلف الجمهور في مقدار الأجل ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا فرق بين الأجل القريب والبعيد وقال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا بد من أجل تتغير فيه الأسواق ، وأقله عندهم ثلاثة أيام ، وكذا عند الهادوية وعند ابن قاسم خمسة عشر يوما وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك السلم إلى العطاء والحصاد ومقدم الحاج ، ووافقه nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ، واختار nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة تأقيته إلى الميسرة واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=3053أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي : ابعث إلي بثوبين إلى الميسرة } وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وطعن nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر في صحته ، وليس في ذلك دليل على المطلوب ; لأن التنصيص على نوع من أنواع الأجل لا ينفي غيره
وقال المنصور بالله : أقله أربعون يوما ، وقال الناصر : أقله ساعة والحق ما ذهبت إليه الشافعية من عدم اعتبار الأجل لعدم ورود دليل يدل عليه فلا يلزم التعبد بحكم بدون دليل ، وأما ما يقال من أنه يلزم مع عدم الأجل أن يكون بيعا للمعدوم ، ولم يرخص فيه إلا في السلم ، ولا فارق بينه وبين البيع إلا الأجل فيجاب عنه بأن الصيغة فارقة وذلك كاف ( واعلم ) أن للسلم شروطا غير ما اشتمل عليه الحديث مبسوطة في كتب الفقه ، ولا حاجة لنا في التعرض لما لا دليل عليه إلا أنه وقع الإجماع على اشتراط معرفة صفة الشيء المسلم فيه على وجه يتميز بتلك المعرفة عن غيره