قوله : ( مخنث ) بفتح النون وكسرها والفتح المشهور : وهو الذي يلين في قوله ويتكسر في مشيته ويتثنى فيها كالنساء ، وقد يكون خلقة وقد يكون تصنعا من الفسقة ، ومن كان ذلك فيه خلقة فالغالب من حاله أنه لا أرب له في النساء ، ولذلك كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يعددن هذا المخنث من غير أولي الإربة ، وكن لا يحجبنه إلا إن ظهر منه ما ظهر من هذا الكلام
واختلف في اسمه ، فقال القاضي : الأشهر أن اسمه هيت بكسر الهاء ثم تحتية ساكنة ثم فوقية ، وقيل : صوابه هنب بالنون والباء الموحدة قاله nindex.php?page=showalam&ids=13145ابن درستويه ، وقال : إن ما سواه تصحيف وإنه الأحمق المعروف ، وقيل : اسمه ماتع بالمثناة فوق : مولى فاختة المخزومية بنت عمرو بن عائذ . قوله : ( تقبل بأربع وتدبر بثمان ) المراد بالأربع هي العكن جمع عكنة ، وهي الطية التي تكون في البطن من كثرة السمن ، يقال : تعكن البطن : إذا صار ذلك فيه ، ولكل عكنة طرفان ، فإذا رآهن الرائي من جهة البطن وجدهن أربعا وإذا رآهن من جهة الظهر وجدهن ثمانيا وقال ابن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : معناه أن أعكانها ينعطف بعضها على بعض ، وهي في بطنها أربع طرائق وتبلغ أطارفها إلى خاصرتها ، [ ص: 139 ] وفي كل جانب أربع ، قال الحافظ : وتفسير nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك المذكور تبعه فيه الجمهور وحاصله أنه وصفها بأنها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنها عكن وذلك لا يكون إلا للسمينة من النساء ، وجرت عادة الرجال في الرغبة فيمن تكون بتلك الصفة
وقيل : الأربع هي الشعب التي هي اليدان والرجلان ، والثمان : الكتفان والمتنتان والأليتان والساقان ، ولا يخفى ضعف ذلك لأن كل امرأة فيها ما ذكر فلا وجه لجعله من صفات المدح المقصودة في المقام قوله : ( هؤلاء ) إشارة إلى جميع المخنثين وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أنه كان المخنثون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة : مانع ، وهدم وهيت
قوله : ( من غير أولي الإربة ) الإربة والإرب : الحاجة والشهوة . قيل : ويحتمل أنهم التابعون الذين يتبعون الرجل ليصيبوا من طعامه ولا حاجة لهم إلى النساء لكبر أو تخنيث أو عنة . قوله : ( أرى هذا . . . إلخ ) بفتح الهمزة والراء قال القرطبي : هذا يدل أنهم كانوا يظنون أنه لا يعرف شيئا من أحوال النساء ولا يخطر له ببال ، ويشبه أن التخنيث كان فيه خلقة وطبيعة ولم يعرف منه إلا ذلك ، ولهذا كانوا يعدونه من غير أولي الإربة قوله : ( وأخرجه ) لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : { nindex.php?page=hadith&LINKID=92165أخرجوهم من بيوتكم قال : فأخرج فلانا وفلانا } ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وزاد " وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مخنثا " وفي رواية " وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر آخر "
قال العلماء : إخراج المخنث ونفيه كان لثلاثة معان : أحدها : أنه كان يظن أنه من غير أولي الإربة ثم لما وقع منه ذلك الكلام زال الظن والثاني : وصفه النساء ومحاسنهن وعوراتهن بحضرة الرجال ، وقد نهي أن يصف المرأة زوجها فكيف إذا وصفها غيره من الرجال لسائرهم ؟ الثالث : أنه ظهر له منه أنه كان يطلع النساء وأجسامهن وعوراتهن على ما لا يطلع عليه كثير من النساء
قوله : ( فيسأل ثم يرجع ) أي يسأل الناس شيئا ثم يرجع إلى البادية ، والبيداء بالمد : القفر ، وكل صحراء فهي بيداء كأنها تبيد سالكها أي تكاد تهلكه وفي ذلك دليل جواز العقوبة بالإخراج من الوطن لما يخاف من الفساد والفسق ، وجواز الإذن بالدخول في بعض الأوقات للحاجة