قوله : ( أولم ) قال الأزهري : الوليمة مشتقة من الولم وهو الجمع [ ص: 209 ] لأن الزوجين يجتمعان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أصلها تمام الشيء واجتماعه ، وتقع على كل طعام يتخذ لسرور . وتستعمل في وليمة الأعراس بلا تقييد وفي غيرها مع التقييد ، فيقال مثلا وليمة مأدبة ، هكذا قال بعض الفقهاء ، وحكاه في الفتح عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن أهل اللغة وهو المنقول عن nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل وثعلب ، وبه جزم nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري nindex.php?page=showalam&ids=12569وابن الأثير ، أن الوليمة هي الطعام في العرس خاصة .
قال ابن رسلان : وقول أهل اللغة أقوى لأنهم أهل اللسان وهم أعرف بموضوعات اللغة وأعلم بلسان العرب ، انتهى . ويمكن أن يقال : الوليمة في اللغة وليمة العرس فقط ، وفي الشرع للولائم المشروعة . وقال في القاموس : الوليمة طعام العرس أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها ، وأولم : صنعها . وقال صاحب المحكم : الوليمة : طعام العرس والإملاك ، وسيأتي تفسير الولائم ، وظاهر الأمر الوجوب .
وقد روى القول به nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي عن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقال : مشهور المذهب أنها مندوبة . وروى ابن التين الوجوب أيضا عن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، لكن الذي في المغني أنها سنة ، وكذلك حكي في البحر الوجوب عن أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن أهل الظاهر . وقال سليم الرازي : إنه ظاهر نص الأم ، ونقله nindex.php?page=showalam&ids=11815أبو إسحاق الشيرازي عن النص ، وحكاه في الفتح أيضا عن بعض الشافعية ; وبهذا يظهر ثبوت الخلاف في الوجوب لا كما قال ابن بطال ، ولا أعلم أحدا أوجبها . وكذا قال صاحب المغني . ومن جملة ما استدل به من أوجبها ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث وحشي بن حرب رفعه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=15834الوليمة حق } وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=20525شر الطعام طعام الوليمة } ، ثم قال : وهو حق وفي رواية لأبي الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه { nindex.php?page=hadith&LINKID=15835الوليمة حق وسنة ، فمن دعي إليها فلم يجب فقد عصى } وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث بريدة قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33212لما خطب nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لا بد للعروس من وليمة } . قال الحافظ : وسنده لا بأس به . قال ابن بطال قوله : " حق " أي ليست بباطل بل يندب إليها وهي سنة فضيلة ، وليس المراد بالحق : الوجوب . وأيضا هو طعام لسرور حادث فأشبه سائر الأطعمة ، والأمر محمول على الاستحباب ولكونه أمر بشاة وهي غير واجبة اتفاقا . قال في الفتح : وقد اختلف السلف في وقتها هل هو عند العقد أو عقبه ، أو عند الدخول أو عقبه ، أو يوسع من ابتداء العقد إلى انتهاء الدخول ؟ على أقوال ، قال النووي : اختلفوا فحكى القاضي عياض أن الأصح عند المالكية استحبابها بعد الدخول ، وعن جماعة منهم عند العقد .
وعن ابن جندب عند العقد وبعد الدخول ، قال السبكي : والمنقول من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنها بعد الدخول ، انتهى .
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره التصريح بأنها بعد الدخول لقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=49350أصبح عروسا بزينب فدعا القوم } . قوله : ( ولو بشاة ) لو هذه ليست الامتناعية ، وإنما هي [ ص: 210 ] للتقليل .
وفي الحديث دليل على أن الشاة أقل ما يجزي في الوليمة عن الموسر ، ولولا ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بأقل من الشاة لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقل ما يجزي في الوليمة مطلقا ، ولكن هذا الأمر من خطاب الواحد وفي تناوله لغيره خلاف في الأصول معروف . قال القاضي عياض : وأجمعوا على أنه لا حد لأكثر ما يولم به ، وأما أقله فكذلك ، ومهما تيسر أجزأ ، والمستحب أنها على قدر حال الزوج . قوله : ( ما أولم النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه . . . . . . إلخ ) هذا محمول على ما انتهى إليه علم nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أو لما وقع من البركة في وليمتها حيث أشبع المسلمين خبزا ولحما من الشاة الواحدة وإلا فالذي يظهر أنه أولم على nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث التي تزوجها في عمرة القضية بمكة وطلب من أهل مكة أن يحضروا وليمتها فامتنعوا أن يكون ما أولم به عليها أكثر من شاة لوجود التوسعة عليه في تلك الحال ; لأن ذلك كان بعد فتح خيبر .
وقد وسع الله على المسلمين في فتحها عليهم هكذا في الفتح ، وما ادعاه من الظهور ممنوع لأن كونه دعا أهل مكة لا يستلزم أن تكون الوليمة بشاة أو بأكثر منها ، بل غايته أن يكون فيها طعام كثير يكفي من دعاهم ، مع أنه يمكن أن يكون في تلك الحال الطعام الذي دعاهم إليه قليلا ولكنه يكفي الجميع بتبريكه صلى الله عليه وسلم عليه ، فلا تدل كثرة المدعوين على كثرة الطعام ، ولا سيما وهو في تلك الحال مسافر ، فإن السفر مظنة لعدم التوسعة في الوليمة الواقعة فيه ، فيعارض هذا مظنة التوسعة لكون الوليمة واقعة بعد فتح خيبر . قال ابن بطال : لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم القصد إلى تفضيل بعض النساء على بعض ، بل باعتبار ما اتفق وأنه لو وجد الشاة في كل منهن لأولم بها لأنه كان أجود الناس ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في التأنق . وقال غيره : يجوز أن يكون فعل ذلك لبيان الجواز . وقال الكرماني : لعل السبب في تفضيل زينب في الوليمة على غيرها كان الشكر لله على ما أنعم به عليه من تزويجه إياها بالوحي . وقال ابن المنير : يؤخذ من تفضيل بعض النساء على بعض في الوليمة جواز تخصيص بعضه دون بعض في الإتحاف والإلطاف .
قوله : ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ) صفية هذه ليست بصحابية ، وحديثها مرسل ، وقد رواه البعض عنها عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، ورجح nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي قول من لم يقل : عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، ولكنه قد روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنها في كتاب الحج أنها قالت : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقد ضعف ذلك المزي بأنه مروي من طريق أبان بن صالح ، وكذلك صرح بتضعيفه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في التمهيد . ويجاب بأنه قد وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم حتى قال الذهبي في مختصر التهذيب : ما رأيت أحدا ضعف أبان بن صالح . وبما يدل على ثبوت صحبتها ما أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديثها قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21291طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير يستلم الحجر بمحجن وأنا أنظر إليه } .
قال المزي : هذا يضعف [ ص: 211 ] قول من أنكر أن يكون لها رؤية ، فإن إسناده حسن فيحتمل أن يكون مراد من أطلق أنه مرسل ، يعني من مراسيل الصحابة لأنها ما حضرت قصة زواج المرأة المذكورة في الحديث لأنها كانت بمكة طفلة أو لم تولد بعد والتزوج كان بالمدينة . قوله : ( على بعض نسائه ) قال الحافظ : لم أقف على تعيين اسمها صريحا وأقرب ما يفسر به : nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة . فقد أخرج ابن سعد عن شيخه nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي بسنده إلى { nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قالت : لما خطبني النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر قصة تزويجه ، قالت : فأدخلني بيت nindex.php?page=showalam&ids=10771زينب بنت خزيمة فإذا جرة فيها شيء من شعير فأخذته فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت شيئا من إهالة فأدمته ، فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم } وأخرج ابن سعد أيضا بإسناد صحيح إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أخبرته فذكرت قصة خطبتها وتزويجها وقصة الشعير . قوله : ( يبني بصفية ) أصله يبني خباء جديدا مع صفية أو بسببها ثم استعمل البناء في الدخول بالزوجة ، يقال : بنى الرجل بالمرأة : أي دخل بها .
وفيه دليل على أنها تؤثر المرأة الجديدة ولو في السفر .
قوله : ( التمر والأقط والسمن ) هذه الأمور الثلاثة إذا خلط بعضها ببعض سميت حيسا . قوله : ( بالأنطاع ) جمع نطع بفتح النون وكسرها مع فتح الطاء وإسكانها أفصحهن كسر النون مع فتح الطاء . والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف وقد يسكن بعدها طاء مهملة ، وقد تقدم تفسيره في الفطرة . وهذه القصة دليل على اختصاص الحجاب بالحرائر من زوجاته صلى الله عليه وسلم ، لجعل الصحابة رضي الله عنهم الحجاب أمارة كونها حرة .