صفحة جزء
باب فيمن عليه فوائت أن يؤذن ويقيم للأولى ويقيم لكل صلاة بعدها

512 - ( عن { أبي هريرة قال : عرسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليأخذ كل رجل براس راحلته ، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال : ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ، ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة } رواه أحمد ومسلم والنسائي ورواه أبو داود ولم يذكر فيه سجدتي الفجر ، وقال فيه : { فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى } )


[ ص: 71 ] الأمر بالإقامة ثابت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : { وأمر بلالا فأقام الصلاة } الحديث بطوله في نومهم في الوادي ، وفيه من حديث أبي قتادة " أن بلالا أذن "

قوله : ( عرسنا ) قد تقدم تفسيره في باب قضاء الفوائت

قوله : ( فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ) قال النووي : فيه دليل على اجتناب مواضع الشيطان وهو أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام . قوله : ( ثم صلى سجدتين ) يعني ركعتين وفيه دليل على استحباب قضاء النافلة الراتبة . قوله : ( فأذن وأقام ) استدل به على مشروعية الأذان والإقامة في الصلاة المقضية وقد ذهب إلى استحبابهما في القضاء الهادي والقاسم والناصر وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل أبو ثور ، وقال مالك والأوزاعي ورواه المهدي في البحر قولا للشافعي : إنه لا يستحب الأذان ، واحتج لهم بأنه لم ينقل في قضائه الأربع

وأجاب عن ذلك بأنه نقل في رواية ثم قال : سلمنا فتركه خوف اللبس ، وسيأتي حديث قضاء الأربع بعد هذا الحديث مصرحا فيه بالأذان والإقامة ، وإنما ترك الأذان في رواية أبي هريرة عند مسلم وغيره يوم نومهم في الوادي ما قال النووي في شرح مسلم ، ولفظه : وأما ترك ذكر الأذان في حديث أبي هريرة وغيره فجوابه من وجهين أحدهما أنه لا يلزم من ترك ذكره أنه لم يؤذن فلعله أذن ، وأهمله الراوي ولم يعلم به ، والثاني لعله ترك الأذان في هذه المرة لبيان جواز تركه وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لا سيما في السفر ، وقال أيضا : وفي المسألة خلاف والأصح عندنا إثبات الأذان لحديث أبي قتادة وغيره من الأحاديث الصحيحة

، وفي الحديث استحباب الجماعة في الفائتة وقد استشكل نومه صلى الله عليه وسلم في الوادي لقوله : { إن عيني تنام ولا ينام قلبي } قال النووي : وجوابه من وجهين أصحهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما ; لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما ، ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين وإنما يدرك ذلك بالعين ، والعين نائمة وإن كان القلب يقظان ، والثاني أنه كان له حالان أحدهما : ينام فيه القلب وصادف هذا الموضع ، والثاني : لا ينام وهذا هو الغالب من أحواله وهذا التأويل ضعيف والصحيح المعتمد هو الأول ا . هـ .

513 - ( وعن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه { أن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ثم أقام فصلى المغرب ، ثم أقام فصلى العشاء } . رواه أحمد والنسائي والترمذي ، وقال : ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم [ ص: 72 ] يسمع من عبد الله ) . الحديث رجاله رجال الصحيح ، ولا علة له إلا عدم سماع أبي عبيدة من أبيه وهو الذي جزم به الحفاظ ، أعني عدم سماعه منه ، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد والنسائي وقد تقدم . قال اليعمري : وحديث أبي سعيد رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي ، حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ، وهذا إسناد صحيح جليل انتهى وفي الباب أيضا عن جابر عند البخاري ومسلم ، وقد تقدم ، وليس فيه ذكر الأذان والإقامة . والحديث استدل به على مشروعية الأذان والإقامة في القضاء ، وقد تقدم الخلاف في ذلك ، وللحديث أحكام وفوائد قد تقدم ذكر بعضها في باب الترتيب في قضاء الفوائت ، وقد استشكل الجمع بينه وبين ما في الصحيحين من أن الصلاة التي شغل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فقط ، وقد قدمنا طرفا من الكلام على ذلك في باب الصلاة الوسطى وطرفا في باب الترتيب في قضاء الفوائت .

التالي السابق


الخدمات العلمية