وفي لفظ : ركب حتى [ ص: 261 ] جئنا المزدلفة فأقام المغرب ، ثم أناخ الناس في منازلهم ، ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
قال في الفتح : ويستفاد منه أنه ترك النفل عقب المغرب وعقب العشاء ، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما ، بخلاف العشاء فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها ، لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل . ومن ثم قال الفقهاء : تؤخر سنة العشاءين عنهما .
ونقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر الإجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة ، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما . ويعكر على نقل الاتفاق ما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود { nindex.php?page=hadith&LINKID=7695أنه صلى المغرب بالمزدلفة وصلى بعدها ركعتين ، ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر بالأذان والإقامة ثم صلى العشاء } . وقد اختلف أهل العلم في صلاة النافلة في مطلق السفر . قال النووي : قد اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر . واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة ، فتركها nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وآخرون ، واستحبها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه والجمهور . ودليلهم الأحاديث العامة الواردة في ندب مطلق الرواتب ، وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى في يوم الفتح وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس ، وأحاديث أخر صحيحة ذكرها أصحاب السنن ، والقياس على النوافل المطلقة .
وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى . فجوابه أن الفريضة متحتمة ، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها . وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف ، فالرفق به أن تكون [ ص: 262 ] مشروعة ، ويتخير ، إن شاء فعلها وحصل ثوابها ، وإن شاء تركها ولا شيء عليه .
وقال ابن دقيق العيد : إن قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر " فكان لا يزيد في السفر على ركعتين " يحتمل أنه كان لا يزيد في عدد ركعات الفرض ، ويحتمل أنه كان لا يزيد نفلا ، ويحتمل أعم من ذلك . قال في الفتح : ويدل على الثاني رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بلفظ " صحبت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه ، فحانت منه التفاتة فرأى ناسا قياما ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يسبحون ، قال : لو كنت مسبحا لأتممت " ثم ذكر الحديث
وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر انتهى . وقد ذكر ابن القيم هذا الحديث الذي تعقبه به الحافظ في الهدي في هذا البحث وأجاب عنه وذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة " أن { nindex.php?page=hadith&LINKID=21375النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها } وأجاب عنه . واعلم أنه لا بد من حمل قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فلم أره يسبح ، على صلاة السنة ، وإلا فقد صح عنه أنه كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه .
قال : وروي عن الحسن أنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيتطوعون قبل المكتوبة وبعدها . قال : وروي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر . قوله : ( بأذان واحد وإقامتين ) فيه أن السنة في الجمع بين الصلاتين الاقتصار على أذان واحد ، والإقامة لكل واحدة من الصلاتين . وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه أمر بالأذان والإقامة لكل صلاة من الصلاتين المجموعتين بمزدلفة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : لم نجده مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو ثبت لقلت به . ثم أخرج من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق هذا الحديث . قال أبو إسحاق : فذكرته لأبي جعفر بن محمد بن علي فقال : أما نحن أهل البيت [ ص: 263 ] فهكذا نصنع قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من فعله وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بإسناد صحيح عنه ، ثم تأوله بأنه محمول على أن أصحابه تفرقوا عنه فأذن لهم ليجتمعوا ليجمع بهم . قال الحافظ : ولا يخفى تكلفه ، ولو تأتى له ذلك في حق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لكونه كان الإمام الذي يقيم للناس حجتهم لم يتأت له في حق nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود . وقد ذهب إلى أن المشروع أذان واحد في الجمع وإقامة لكل صلاة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ، وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم وابن الماجشون ، وقواه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وإليه ذهبت الهادوية .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إنه يجمع بين الصلاتين بإقامتين فقط ، وتمسك الأولون بحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المذكور في الباب ، وتمسك الآخرون بحديث nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة المذكور في الباب أيضا ، لأنه اقتصر فيه على ذكر الإقامة لكل واحدة من الصلاتين . والحق ما قاله الأولون لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مشتمل على زيادة الأذان وهي زيادة غير منافية فيتعين قبولها .
قوله : ( ثم أناخ كل إنسان بعيره ) فيه جواز الفصل بين الصلاتين المجموعتين بمثل هذا ، وظاهر قوله : " ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا " المنافاة لقوله في الرواية الأخرى : " ثم حلوا رحالهم وأعنته ثم صلى العشاء " فإن أمكن الجمع إما بأنه حل بعضهم قبل صلاة العشاء وبعضهم بعدها أو بغير ذلك فذاك ، وإن لم يمكن فالرواية الأولى أرجح لكونها في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ولم يرجحها أيضا الاقتصار في الرواية المتفق عليها على مجرد الإناخة فقط .