قوله تعالى : ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم قوله تعالى :
ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر هؤلاء قوم أسلموا ثم ارتدوا خوفا من المشركين ; فاغتم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل :
ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر . وقال
الكلبي : يعني به المنافقين ورؤساء اليهود ; كتموا صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب
[ ص: 267 ] فنزلت . ويقال : إن أهل الكتاب لما لم يؤمنوا شق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لأن الناس ينظرون إليهم ويقولون إنهم أهل كتاب ; فلو كان قوله حقا لاتبعوه ، فنزلت ولا يحزنك . قراءة
نافع بضم الياء وكسر الزاي حيث وقع إلا في - الأنبياء -
لا يحزنهم الفزع الأكبر فإنه بفتح الياء وبضم الزاي . وضده
أبو جعفر . وقرأ
ابن محيصن كلها بضم الياء وكسر الزاي . والباقون كلها بفتح الياء وضم الزاي . وهما لغتان : حزنني الأمر يحزنني ، وأحزنني أيضا وهي لغة قليلة ; والأولى أفصح اللغتين ; قاله
النحاس . وقال الشاعر في أحزن :
مضى صحبي وأحزنني الديار
وقراءة العامة يسارعون . وقرأ
طلحة " يسرعون في الكفر " . قال
الضحاك : هم كفار
قريش . وقال غيره : هم المنافقون . وقيل : هو ما ذكرناه قبل . وقيل : هو عام في جميع الكفار . ومسارعتهم في الكفر المظاهرة على
محمد - صلى الله عليه وسلم - . قال
القشيري : والحزن على كفر الكافر طاعة ; ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفرط في الحزن على كفر قومه ، فنهي عن ذلك ; كما قال :
فلا تذهب نفسك عليهم حسرات وقال :
فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا .
إنهم لن يضروا الله شيئا أي لا ينقصون من ملك الله وسلطانه شيئا ; يعني لا ينقص بكفرهم . وكما روي عن
أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831095يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا . يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم . يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم . يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا [ ص: 268 ] نفسه . خرجه
مسلم في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما ، وهو حديث عظيم فيه طول يكتب كله . وقيل : معنى لن يضروا الله شيئا أي لن يضروا أولياء الله حين تركوا نصرهم إذ كان الله عز وجل ناصرهم .
قوله تعالى :
يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم أي نصيبا . والحظ النصيب والجد . يقال : فلان أحظ من فلان ، وهو محظوظ . وجمع الحظ أحاظ على غير قياس . قال
أبو زيد : يقال رجل حظيظ ، أي جديد إذا كان ذا حظ من الرزق . وحظظت في الأمر أحظ . وربما جمع الحظ أحظا . أي لا يجعل لهم نصيبا في الجنة . وهو نص في أن الخير والشر بإرادة الله تعالى .