فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا قوله تعالى : فما لكم في المنافقين فئتين فئتين أي فرقتين مختلفتين . روى
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=hadith&LINKID=832674أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس ممن كان معه ، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين ؛ فقال بعضهم : نقتلهم . وقال بعضهم : لا ؛ فنزلت فما لكم في المنافقين فئتين . وأخرجه
الترمذي فزاد : وقال : ( إنها طيبة ) وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832675إنها تنفي الخبيث كما تنفي النار خبث الحديد ) قال : حديث حسن صحيح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832676إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة ) . والمعني بالمنافقين هنا
عبد الله بن أبي وأصحابه الذين خذلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
أحد ورجعوا بعسكرهم بعد أن خرجوا ؛ كما تقدم في " آل عمران " . وقال
ابن عباس : هم قوم
بمكة آمنوا وتركوا الهجرة ، قال
الضحاك : وقالوا إن ظهر
محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد عرفنا ، وإن ظهر قومنا فهو أحب إلينا . فصار المسلمون فيهم فئتين قوم يتولونهم وقوم يتبرءون منهم ؛ فقال الله عز وجل :
فما لكم في المنافقين فئتين . وذكر
أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=838758أنها نزلت في قوم جاءوا إلى المدينة وأظهروا الإسلام ؛ فأصابهم [ ص: 264 ] وباء المدينة وحماها ؛ فأركسوا فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما لكم رجعتم ؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجتويناها ؛ فقالوا : ما لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ؟ فقال بعضهم : نافقوا . وقال بعضهم : لم ينافقوا ، هم مسلمون ؛ فأنزل الله عز وجل : فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا الآية . حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون ؛ فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية وأمر بقتلهم .
قلت : وهذان القولان يعضدهما سياق آخر الآية من قوله تعالى :
حتى يهاجروا ، والأول أصح نقلا ، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي . وفئتين نصب على الحال ؛ كما يقال : ما لك قائما ؟ عن
الأخفش . وقال الكوفيون : هو خبر ( ما لكم ) كخبر كان وظننت ، وأجازوا إدخال الألف واللام فيه وحكى
الفراء : " أركسهم ، وركسهم " أي ردهم إلى الكفر ونكسهم ؛ وقاله
النضر بن شميل nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : والركس والنكس قلب الشيء على رأسه ، أو رد أوله على آخره ، والمركوس المنكوس . وفي قراءة
عبد الله وأبي رضي الله عنهما " والله ركسهم " . وقال
ابن رواحة :
أركسوا في فتنة مظلمة كسواد الليل يتلوها فتن
أي نكسوا . وارتكس فلان في أمر كان نجا منه . والركوسية قوم بين
النصارى والصابئين . والراكس الثور وسط البيدر والثيران حواليه حين الدياس .
أتريدون أن تهدوا من أضل الله أي ترشدوه إلى الثواب بأن يحكم لهم بحكم المؤمنين .
تجد له سبيلا أي طريقا إلى الهدى والرشد وطلب الحجة . وفي هذا رد على القدرية وغيرهم القائلين بخلق هداهم وقد تقدم .