قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :
إنما وليكم الله ورسوله قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام للنبي صلى الله عليه وسلم : إن قومنا من قريظة والنضير قد هجرونا وأقسموا ألا يجالسونا ، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل ، فنزلت هذه الآية ، فقال : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء . و ( الذين ) عام في جميع المؤمنين ، وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11958أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن معنى
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا هل هو
علي بن أبي طالب ؟ فقال :
علي من المؤمنين ; يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين . قال
النحاس : وهذا قول بين ; لأن الذين لجماعة ، وقال
ابن عباس : نزلت في
أبي بكر رضي الله عنه ، وقال في رواية أخرى : نزلت في
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ; وقاله
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وحملهم على ذلك قوله تعالى :
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وهي :
المسألة الثانية : وذلك أن سائلا سأل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعطه أحد شيئا ، وكان
علي في الصلاة في الركوع وفي يمينه خاتم ، فأشار إلى السائل بيده حتى أخذه . قال
إلكيا الطبري : وهذا يدل على أن
العمل القليل لا يبطل الصلاة ; فإن التصدق بالخاتم في الركوع عمل جاء به في الصلاة ولم تبطل به الصلاة ، وقوله :
ويؤتون الزكاة وهم راكعون يدل على أن
صدقة التطوع تسمى زكاة . ; فإن
عليا تصدق بخاتمه في الركوع ، وهو نظير قوله
[ ص: 162 ] تعالى :
وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون وقد انتظم الفرض والنفل ، فصار اسم الزكاة شاملا للفرض والنفل ، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ينتظم الأمرين .
قلت : فالمراد على هذا بالزكاة التصدق بالخاتم ، وحمل لفظ الزكاة على التصدق بالخاتم فيه بعد ; لأن الزكاة لا تأتي إلا بلفظها المختص بها وهو الزكاة المفروضة على ما تقدم بيانه في أول سورة " البقرة " . وأيضا فإن قبله يقيمون الصلاة ومعنى يقيمون الصلاة يأتون بها في أوقاتها بجميع حقوقها ، والمراد صلاة الفرض . ثم قال : وهم راكعون أي النفل ، وقيل : أفرد الركوع بالذكر تشريفا ، وقيل : المؤمنون وقت نزول الآية كانوا بين متمم للصلاة وبين راكع ، وقال
ابن خويز منداد قوله تعالى :
ويؤتون الزكاة وهم راكعون تضمنت جواز
العمل اليسير في الصلاة ; وذلك أن هذا خرج مخرج المدح ، وأقل ما في باب المدح أن يكون مباحا ; وقد روي أن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى السائل شيئا وهو في الصلاة ، وقد يجوز أن يكون هذه صلاة تطوع ، وذلك أنه مكروه في الفرض ، ويحتمل أن يكون المدح متوجها على اجتماع حالتين ; كأنه وصف من يعتقد وجوب الصلاة والزكاة ; فعبر عن الصلاة بالركوع ، وعن الاعتقاد للوجوب بالفعل ; كما تقول : المسلمون هم المصلون ، ولا تريد أنهم في تلك الحال مصلون ولا يوجه المدح حال الصلاة ; فإنما يريد من يفعل هذا الفعل ويعتقده .