قوله تعالى : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم فيه مسألة واحدة : وهي جواز
لعن الكافرين وإن كانوا من أولاد الأنبياء ، وأن شرف النسب لا يمنع إطلاق اللعنة في حقهم ، ومعنى
على لسان داود وعيسى ابن مريم أي : لعنوا في الزبور والإنجيل ; فإن الزبور لسان
داود ، والإنجيل لسان
عيسى أي : لعنهم الله في الكتابين ، وقد تقدم اشتقاقهما . قال
مجاهد وقتادة وغيرهما : لعنهم مسخهم قردة وخنازير . قال
أبو مالك : الذين لعنوا على لسان
داود مسخوا قردة . والذين لعنوا على لسان
عيسى مسخوا خنازير ، وقال
ابن عباس :
الذين لعنوا على لسان داود أصحاب السبت ،
والذين لعنوا على لسان عيسى الذين كفروا بالمائدة بعد نزولها ، وروي نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : لعن الأسلاف والأخلاف ممن كفر
بمحمد صلى الله عليه وسلم على لسان
داود وعيسى ; لأنهما أعلما أن
محمدا صلى الله عليه وسلم نبي مبعوث فلعنا من يكفر به .
قوله تعالى :
ذلك بما عصوا ذلك في موضع رفع بالابتداء أي : ذلك اللعن بما عصوا ; أي : بعصيانهم . ويجوز أن يكون على إضمار مبتدأ ; أي الأمر ذلك ، ويجوز أن يكون في موضع نصب أي : فعلنا ذلك بهم لعصيانهم واعتدائهم .