قوله تعالى : يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب قوله تعالى :
يوم يجمع الله الرسل يقال : ما وجه اتصال هذه الآية بما قبلها ؟ فالجواب : أنه اتصال الزجر عن الإظهار خلاف الإبطان في وصية أو غيرها مما ينبئ أن المجازي عليه عالم به . ويوم ظرف زمان والعامل فيه واسمعوا أي : واسمعوا خبر يوم ، وقيل : التقدير واتقوا يوم يجمع الله الرسل عن
الزجاج ، وقيل : التقدير اذكروا أو احذروا يوم القيامة حين يجمع الله الرسل ، والمعنى متقارب ; والمراد التهديد والتخويف .
فيقول ماذا أجبتم أي : ما الذي أجابتكم به أممكم ؟ وما الذي رد عليكم قومكم حين دعوتموهم إلى توحيدي ؟ قالوا أي : فيقولون :
لا علم لنا واختلف أهل التأويل في المعنى المراد بقولهم :
لا علم لنا فقيل : معناه لا علم لنا بباطن ما أجاب به أممنا ; لأن ذلك هو الذي يقع عليه الجزاء ; وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المعنى لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فحذف ; عن
ابن عباس ومجاهد بخلاف ، وقال
ابن عباس أيضا : معناه لا علم لنا إلا علما أنت أعلم به منا ، وقيل : إنهم يذهلون من هول ذلك ويفزعون من الجواب ، ثم يجيبون بعدما تثوب
[ ص: 278 ] إليهم عقولهم فيقولون :
لا علم لنا قاله
النحاس ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . قال
النحاس : وهذا لا يصح ; لأن الرسل صلوات الله عليهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
قلت : هذا في أكثر مواطن القيامة ; ففي الخبر (
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500112إن جهنم إذا جيء بها زفرت زفرة فلا يبقى نبي ولا صديق إلا جثا لركبتيه ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
خوفني جبريل يوم القيامة حتى أبكاني فقلت يا جبريل ألم يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ؟ فقال لي : يا محمد لتشهدن من هول ذلك اليوم ما ينسيك المغفرة .
قلت : فإن كان السؤال عند زفرة جهنم - كما قال بعضهم - فقول
مجاهد والحسن صحيح ; والله أعلم . قال
النحاس : والصحيح في هذا أن المعنى : ماذا أجبتم في السر والعلانية ليكون هذا توبيخا للكفار ; فيقولون : لا علم لنا ; فيكون هذا تكذيبا لمن اتخذ
المسيح إلها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : معنى قوله :
ماذا أجبتم ماذا عملوا بعدكم ؟ قالوا :
لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب . قال
أبو عبيد : ويشبه هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830714يرد علي أقوام الحوض فيختلجون فأقول أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، وكسر الغين من الغيوب
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو بكر ، وضم الباقون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي فإن قيل : فلم سألهم عما هو أعلم به منهم ؟ فعنه جوابان : أحدهما : أنه سألهم ليعلمهم ما لم يعلموا من كفر أممهم ونفاقهم وكذبهم عليهم من بعدهم . الثاني : أنه أراد أن يفضحهم بذلك على رءوس الأشهاد ليكون ذلك نوعا من العقوبة لهم .