قوله تعالى وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين قوله تعالى
وإذ قال إبراهيم تكلم العلماء في هذا ; فقال
أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الجويني الشافعي الأشعري في النكت من التفسير له : وليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد
إبراهيم تارح . والذي في القرآن يدل على أن اسمه
آزر . وقيل :
آزر عندهم ذم في لغتهم ; كأنه قال : وإذ قال لأبيه يا مخطئ
أتتخذ أصناما آلهة وإذا كان كذلك فالاختيار الرفع . وقيل :
آزر اسم صنم . وإذا كان كذلك فموضعه نصب على إضمار الفعل ; كأنه قال : وإذ قال
إبراهيم لأبيه أتتخذ
آزر إلها ، أتتخذ أصناما آلهة . قلت : ما ادعاه من الاتفاق ليس عليه وفاق ; فقد قال
محمد بن إسحاق والكلبي والضحاك : إن
آزر أبو
إبراهيم عليه السلام وهو
تارح ، مثل
إسرائيل ويعقوب ; قلت فيكون له اسمان كما تقدم . وقال مقاتل :
آزر لقب ،
وتارح اسم ، وحكاه
الثعلبي عن
ابن إسحاق القشيري . ويجوز أن يكون على العكس . قال
الحسن : كان اسم أبيه
آزر . وقال
سليمان التيمي : هو سب وعيب ، ومعناه في كلامهم : المعوج . وروى
المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : بلغني أنها أعوج ، وهي أشد كلمة قالها
إبراهيم لأبيه . وقال
الضحاك : معنى
آزر الشيخ الهم بالفارسية . وقال
الفراء : هي صفة ذم بلغتهم ; كأنه قال يا مخطئ ; فيمن رفعه . أو كأنه قال : وإذ قال
إبراهيم لأبيه المخطئ ; فيمن خفض . ولا ينصرف لأنه على أفعل ; قاله
النحاس . وقال
الجوهري :
آزر اسم أعجمي ، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه ; فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام وقيل : هو مشتق من القوة ، والأزر : القوة ; عن ابن فارس . وقال
مجاهد ويمان : آزر اسم صنم . وهو في هذا التأويل في موضع نصب ، التقدير : أتتخذ آزر إلها ، أتتخذ أصناما . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، التقدير : أتتخذ آزر أصناما . قلت : فعلى هذا آزر اسم جنس . والله أعلم . وقال الثعلبي في كتاب العرائس : إن اسم
[ ص: 22 ] أبي إبراهيم الذي سماه به أبوه تارح ، فلما صار مع النمروذ قيما على خزانة آلهته سماه
آزر . وقال
مجاهد : إن
آزر ليس باسم أبيه وإنما هو اسم صنم . وهو
إبراهيم بن تارح بن ناخور بن ساروع بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . و
آزر فيه قراءات : " أإزرا " بهمزتين ، الأولى مفتوحة والثانية مكسورة ; عن
ابن عباس . وعنه " أأزرا " بهمزتين مفتوحتين . وقرئ بالرفع ، وروي ذلك عن
ابن عباس . وعلى القراءتين الأوليين عنه تتخذ بغير همزة . قال
المهدوي : أإزرا ؟ فقيل : إنه اسم صنم ; فهو منصوب على تقدير أتتخذ إزرا ، وكذلك أأزرا . ويجوز أن يجعل أإزرا على أنه مشتق من الأزر وهو الظهر فيكون مفعولا من أجله ; كأنه قال : أللقوة تتخذ أصناما . ويجوز أن يكون إزر بمعنى وزر ، أبدلت الواو همزة . قال
القشيري : ذكر في الاحتجاج على المشركين قصة
إبراهيم ورده على أبيه في عبادة الأصنام . وأولى الناس باتباع
إبراهيم العرب ; فإنهم ذريته . أي واذكر إذ قال
إبراهيم . أو
وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت وذكر إذ قال
إبراهيم . وقرئ " آزر " أي يا آزر ، على النداء المفرد ، وهي قراءة
أبي ويعقوب وغيرهما . وهو يقوي قول من يقول : إن
آزر اسم أبي
إبراهيم .
أتتخذ أصناما آلهة مفعولان لتتخذ وهو استفهام فيه معنى الإنكار .