قوله تعالى
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده
فيه مسألتان :
الأولى قوله تعالى :
فبهداهم اقتده الاقتداء طلب موافقة الغير في فعله . فقيل : المعنى اصبر كما صبروا . وقيل : معنى
فبهداهم اقتده التوحيد ، والشرائع مختلفة . وقد احتج بعض العلماء بهذه الآية على وجوب
اتباع شرائع الأنبياء فيما عدم فيه النص ; كما في صحيح
مسلم وغيره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835911أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; فقال [ ص: 33 ] رسول الله صلى الله وعليه وسلم : القصاص القصاص . فقالت أم الربيع : يا رسول الله أيقتص من فلانة ؟ والله لا يقتص منها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله يا أم الربيع القصاص كتاب الله . قالت : والله لا يقتص منها أبدا . قال : فما زالت حتى قبلوا الدية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره . فأحال رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوله :
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس الآية . وليس في كتاب الله تعالى نص على القصاص في السن إلا في هذه الآية ; وهي خبر عن شرع التوراة ومع ذلك فحكم بها وأحال عليها . وإلى هذا ذهب معظم أصحاب
مالك وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأنه يجب العمل بما وجد منها . قال
ابن بكير : وهو الذي تقتضيه أصول
مالك وخالف في ذلك كثير من أصحاب
مالك وأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والمعتزلة ; لقوله تعالى :
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا . وهذا لا حجة فيه ; لأنه يحتمل التقييد إلا فيما قص عليكم من الأخبار عنهم مما لم يأت في كتابكم . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن العوام قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا عن سجدة " ص " فقال : سألت
ابن عباس عن سجدة " ص " فقال : أوتقرأ
ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ؟ وكان
داود عليه السلام ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به .
الثانية : قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " اقتد قل " بغير هاء في الوصل . وقرأ
ابن عامر " اقتدهي قل " . قال
النحاس : وهذا لحن ; لأن الهاء لبيان الحركة في الوقف وليست بهاء إضمار ولا بعدها واو ولا ياء ، وكذلك أيضا لا يجوز " فبهداهم اقتد قل " . ومن اجتنب اللحن واتبع السواد قرأ " فبهداهم اقتده " فوقف ولم يصل ; لأنه إن وصل بالهاء لحن وإن حذفها خالف السواد . وقرأ الجمهور بالهاء في الوصل على نية الوقف وعلى نية الإدراج اتباعا لثباتها في الخط . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11948ابن عياش وهشام " اقتده قل " بكسر الهاء ، وهو غلط لا يجوز في العربية .
[ ص: 34 ] قوله تعالى
قل لا أسألكم عليه أجرا أي جعلا على القرآن .
إن هو أي القرآن .
إلا ذكرى للعالمين أي هو موعظة للخلق . وأضاف الهداية إليهم فقال : " فبهداهم اقتده " لوقوع الهداية بهم . وقال : ذلك هدى الله لأنه الخالق للهداية .