وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين قوله تعالى وإن تطع أكثر من في الأرض أي الكفار .
يضلوك عن سبيل الله أي عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله .
إن يتبعون إلا الظن " إن " بمعنى ما . وكذلك
وإن هم إلا يخرصون أي يحدسون ويقدرون ; ومنه الخرص ، وأصله القطع . قال الشاعر :
ترى قصد المران فينا كأنه تذرع خرصان بأيدي الشواطب
يعني جريدا يقطع طولا ويتخذ منه الخرص . وهو جمع الخرص ; ومنه خرص يخرص النخل خرصا إذا حزره ليأخذ الخراج منه . فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به ; إذ لا يقين معه . وسيأتي لهذا مزيد بيان في " الذاريات " إن شاء الله تعالى .
إن ربك هو أعلم قال بعض الناس : إن أعلم هنا بمعنى يعلم ; وأنشد قول
حاتم الطائي :
تحالفت طيئ من دوننا حلفا والله أعلم ما كنا لهم خذلا
وقول
الخنساء :
الله أعلم أن جفنته تغدو غداة الريح أو تسري
وهذا لا حجة فيه ; لأنه لا يطابق
هو أعلم بالمهتدين . ولأنه يحتمل أن يكون على أصله .
من يضل عن سبيله " من " بمعنى أي ; فهو في محل رفع والرافع له يضل . وقيل : في محل نصب بأعلم ، أي إن ربك أعلم أي الناس يضل عن سبيله . وقيل : في محل نصب بنزع الخافض ; أي ب " من يضل " . قاله بعض البصريين ، وهو حسن .
وهو أعلم بالمهتدين وقوله في آخر النحل :
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين .
[ ص: 66 ] وقرئ " يضل " وهذا على حذف المفعول ، والأول أحسن ; لأنه قال :
وهو أعلم بالمهتدين . فلو كان من الإضلال لقال وهو أعلم بالهادين .