قوله تعالى
ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين قوله تعالى ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله فيه ثلاث مسائل :
الأولى قوله تعالى ونادى قيل : إذا صار أهل الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار فقالوا : يا ربنا إن لنا قرابات في الجنة فأذن لنا حتى نراهم ونكلمهم . وأهل الجنة لا يعرفونهم لسواد وجوههم .
أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله فبين أن ابن آدم لا يستغني عن الطعام والشراب وإن كان في العذاب .
قالوا إن الله حرمهما على الكافرين يعني طعام الجنة وشرابها . والإفاضة التوسعة ; يقال : أفاض عليه نعمه .
[ ص: 194 ] الثانية : في هذه الآية دليل على أن
سقي الماء من أفضل الأعمال . وقد سئل
ابن عباس : أي الصدقة أفضل ؟ فقال : الماء ، ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة
أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ؟ . وروى
أبو داود أن
سعدا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836067أي الصدقة أعجب إليك ؟ قال : الماء . وفي رواية
nindex.php?page=hadith&LINKID=836068فحفر بئرا فقال : هذه لأم سعد . وعن
أنس قال قال
سعد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836069يا رسول الله ، إن أم سعد كانت تحب الصدقة ، أفينفعها أن أتصدق عنها ؟ قال : نعم وعليك بالماء . وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=836070أمر سعد بن عبادة أن يسقي عنها الماء . فدل على أن سقي الماء من أعظم القربات عند الله تعالى . وقد قال بعض التابعين : من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء . وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب ، فكيف بمن سقى رجلا مؤمنا موحدا وأحياه . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836071بينا رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فإذا كلب يأكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا : يا رسول الله ، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟ قال : في كل ذات كبد رطبة أجر . وعكس هذا ما رواه
مسلم عن
عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836072عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض . وفي حديث
عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=836073ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة ومن سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحياها . خرجه
ابن ماجه في السنن .
الثالثة : وقد استدل بهذه الآية من قال : إن
صاحب الحوض والقربة أحق بمائه ، وأن له
[ ص: 195 ] منعه ممن أراده ; لأن معنى قول أهل الجنة :
إن الله حرمهما على الكافرين لا حق لكم فيها . وقد بوب
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - على هذا المعنى : " باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه " وأدخل في الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836074والذي نفسي بيده لأذودن رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض . قال
المهلب : لا خلاف أن صاحب الحوض أحق بمائه ; لقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836075لأذودن رجالا عن حوضي .