قوله تعالى
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين قوله تعالى فعقروا الناقة العقر الجرح . وقيل : قطع عضو يؤثر في النفس . وعقرت الفرس : إذا ضربت قوائمه بالسيف . وخيل عقرى . وعقرت ظهر الدابة : إذا أدبرته . قال
امرؤ القيس :
تقول وقد مال الغبيط بنا معا عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
أي جرحته وأدبرته قال
القشيري : العقر كشف عرقوب البعير ; ثم قيل للنحر عقر ; لأن العقر سبب النحر في الغالب . وقد اختلف في عاقر الناقة على أقوال . أصحها ما في صحيح
مسلم من حديث
عبد الله بن زمعة قال ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=836098خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال : إذ انبعث أشقاها انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه مثل أبي زمعة وذكر
[ ص: 217 ] الحديث . وقيل في اسمه :
قدار بن سالف . وقيل : إن ملكهم كان إلى امرأة يقال لها ملكي ، فحسدت
صالحا لما مال إليه الناس ، وقالت لامرأتين كان لهما خليلان يعشقانهما : لا تطيعاهما واسألاهما عقر الناقة ; ففعلتا . وخرج الرجلان وألجآ الناقة إلى مضيق ورماها أحدهما بسهم وقتلاها . وجاء السقب وهو ولدها إلى الصخرة التي خرجت الناقة منها فرغا ثلاثا وانفرجت الصخرة فدخل فيها . ويقال : إنه الدابة التي تخرج في آخر الزمان على الناس ; على ما يأتي بيانه في " النمل " . وقال
ابن إسحاق : أتبع السقب أربعة نفر ممن كان عقر الناقة ،
مصدع وأخوه
ذؤاب . فرماه
مصدع بسهم فانتظم قلبه ، ثم جره برجله فألحقه بأمه ، وأكلوه معها . والأول أصح ; فإن
صالحا قال لهم : إنه بقي من عمركم ثلاثة أيام ، ولهذا رغا ثلاثا . وقيل : عقرها عاقرها ومعه ثمانية رجال ، وهم الذين قال الله فيهم :
وكان في المدينة تسعة رهط على ما يأتي بيانه في " النمل " . وهو معنى قوله
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر . وكانوا يشربون فأعوزهم الماء ليمزجوا شرابهم ، وكان يوم لبن الناقة ، فقام أحدهم وترصد الناس وقال : لأريحن الناس منها ; فعقرها .
قوله تعالى
وعتوا عن أمر ربهم أي استكبروا . عتا يعتو عتوا أي استكبر . وتعتى فلان إذا لم يطع . والليل العاتي : الشديد الظلمة ; عن
الخليل .
وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا أي من العذاب .
فأخذتهم الرجفة أي الزلزلة الشديدة . وقيل : كان صيحة شديدة خلعت قلوبهم ; كما في قصة
ثمود في سورة " هود " في قصة
ثمود فأخذتهم الصيحة . يقال : رجف الشيء يرجف رجفا ورجفانا . وأرجفت الريح الشجر حركته . وأصله حركة مع صوت ; ومنه قوله تعالى
يوم ترجف الراجفة قال الشاعر :
ولما رأيت الحج قد آن وقته وظلت مطايا القوم بالقوم ترجف
فأصبحوا في دارهم أي بلدهم . وقيل : وحد على طريق الجنس ، والمعنى : في دورهم . وقال في موضع آخر : في ديارهم أي في منازلهم . جاثمين أي لاصقين
[ ص: 218 ] بالأرض على ركبهم ووجوههم ; كما يجثم الطائر . أي صاروا خامدين من شدة العذاب . وأصل الجثوم للأرنب وشبهها ، والموضع مجثم . قال
زهير :
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وقيل : احترقوا بالصاعقة فأصبحوا ميتين ، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله ; فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه .
فتولى عنهم أي عند اليأس منهم .
وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم يحتمل أنه قال ذلك قبل موتهم . ويحتمل أنه قاله بعد موتهم ; كقوله عليه السلام لقتلى
بدر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836099هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقيل : أتكلم هؤلاء الجيف ؟ فقال : ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب . والأول أظهر . يدل عليه
ولكن لا تحبون الناصحين أي لم تقبلوا نصحي .