قوله تعالى
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فيه مسألتان :
الأولى :
قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قيل : إن هذا نزل في الصلاة ، روي عن
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وجابر nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وعبيد الله بن عمير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب . قال
سعيد : كان المشركون يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ; فيقول بعضهم لبعض
بمكة : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه . فأنزل الله جل وعز جوابا لهم
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا .
وقيل : إنها نزلت في الخطبة ; قاله
سعيد بن جبير ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار وزيد بن أسلم nindex.php?page=showalam&ids=14947والقاسم بن مخيمرة ومسلم بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك . وهذا ضعيف ; لأن القرآن فيها قليل ، والإنصات يجب في جميعها ; قاله
ابن العربي . النقاش : والآية مكية ، ولم يكن
بمكة خطبة ولا جمعة . وذكر
الطبري عن
سعيد بن جبير أيضا أن هذا في الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ، وفيما يجهر به الإمام فهو عام . وهو الصحيح لأنه يجمع جميع ما أوجبته هذه الآية وغيرها من السنة في الإنصات . قال
النقاش : أجمع أهل التفسير أن هذا الاستماع في الصلاة المكتوبة وغير المكتوبة .
النحاس : وفي اللغة يجب أن يكون في كل شيء ، إلا أن يدل دليل على اختصاص شيء . وقال
الزجاج : يجوز أن يكون
فاستمعوا له وأنصتوا اعملوا بما فيه ولا تجاوزوه . والإنصات : السكوت للاستماع والإصغاء والمراعاة . أنصت ينصت إنصاتا ; ونصت أيضا ; قال الشاعر :
قال الإمام عليكم أمر سيدكم فلم نخالف وأنصتنا كما قالا
ويقال : أنصتوه وأنصتوا له ; قال الشاعر :
إذا قالت حذام فأنصتوها فإن القول ما قالت حذام
وقال بعضهم في قوله
فاستمعوا له وأنصتوا : كان هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصا ليعيه عنه أصحابه . قلت : هذا فيه بعد ، والصحيح القول بالعموم ; لقوله :
لعلكم ترحمون والتخصيص
[ ص: 317 ] يحتاج إلى دليل . وقال
عبد الجبار بن أحمد في فوائد القرآن له : إن المشركين كانوا يكثرون اللغط والشغب تعنتا وعنادا ; على ما حكاه الله عنهم :
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون . فأمر الله المسلمين حالة أداء الوحي أن يكونوا على خلاف هذه الحالة وأن يستمعوا ، ومدح الجن على ذلك فقال :
وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه ; إذا قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، قالوا مثل قوله ، حتى يقضي فاتحة الكتاب والسورة . فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث ; فنزل : وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فأنصتوا . وهذا يدل على أن المعني بالإنصات ترك الجهر على ما كانوا يفعلون من مجاوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال
قتادة في هذه الآية : كان الرجل يأتي وهم في الصلاة فيسألهم كم صليتم ، كم بقي ; فأنزل الله تعالى :
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا . وعن
مجاهد أيضا : كانوا يتكلمون في الصلاة بحاجتهم ; فنزل قوله تعالى :
لعلكم ترحمون . وقد مضى في الفاتحة الاختلاف في
قراءة المأموم خلف الإمام . ويأتي في " الجمعة " حكم الخطبة ، إن شاء الله تعالى .