الرابعة عشرة :
الصلاة لا تصح إلا بشروط وفروض ، فمن شروطها : الطهارة ، وسيأتي بيان أحكامها في سورة النساء والمائدة . وستر العورة ، يأتي في الأعراف القول فيها إن شاء الله تعالى .
وأما
فروضها : فاستقبال القبلة ، والنية ، وتكبيرة الإحرام والقيام لها ، وقراءة أم القرآن والقيام لها ، والركوع والطمأنينة فيه ، ورفع الرأس من الركوع والاعتدال فيه ، والسجود والطمأنينة فيه ، ورفع الرأس من السجود ، والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيه ، والسجود
[ ص: 167 ] الثاني والطمأنينة فيه . والأصل في هذه الجملة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الرجل الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة لما أخل بها ، فقال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830172إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها خرجه
مسلم . ومثله حديث
رفاعة بن رافع ، أخرجه
المسروقي وغيره . قال علماؤنا : فبين قوله صلى الله عليه وسلم أركان الصلاة ، وسكت عن الإقامة ورفع اليدين وعن حد القراءة وعن تكبير الانتقالات ، وعن التسبيح في الركوع والسجود ، وعن الجلسة الوسطى ، وعن التشهد وعن الجلسة الأخيرة وعن السلام . أما الإقامة وتعيين الفاتحة فقد مضى الكلام فيهما . وأما رفع اليدين فليس بواجب عند جماعة العلماء وعامة الفقهاء ; لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وحديث
رفاعة بن رافع . وقال
داود وبعض أصحابه بوجوب ذلك عند تكبيرة الإحرام . وقال بعض أصحابه :
الرفع عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع واجب ، وإن من لم يرفع يديه فصلاته باطلة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، ورواية عن
الأوزاعي . واحتجوا بقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830173صلوا كما رأيتموني أصلي أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قالوا : فوجب علينا أن نفعل كما رأيناه يفعل ; لأنه المبلغ عن الله مراده . وأما التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام فمسنون عند الجمهور للحديث المذكور . وكان
ابن قاسم صاحب
مالك يقول : من
أسقط من التكبير في الصلاة ثلاث تكبيرات فما فوقها سجد قبل السلام ، وإن لم يسجد بطلت صلاته ، وإن
نسي تكبيرة واحدة أو اثنتين سجد أيضا للسهو ، فإن لم يفعل فلا شيء عليه ، وروي عنه أن التكبيرة الواحدة لا سهو على من سها فيها . وهذا يدل على أن عظم التكبير وجملته عنده فرض ، وأن اليسير منه متجاوز عنه . وقال
أصبغ بن الفرج nindex.php?page=showalam&ids=16448وعبد الله بن عبد الحكم : ليس على من لم يكبر في الصلاة من أولها إلى آخرها شيء إذا كبر تكبيرة الإحرام ، فإن تركه ساهيا سجد للسهو ، فإن لم يسجد فلا شيء عليه ، ولا ينبغي لأحد أن يترك التكبير عامدا ; لأنه سنة من سنن الصلاة ، فإن فعل فقد أساء ولا شيء عليه وصلاته ماضية .
قلت : هذا هو الصحيح ، وهو الذي عليه جماعة فقهاء الأمصار من الشافعيين
والكوفيين وجماعة أهل الحديث والمالكيين غير من ذهب مذهب
ابن القاسم . وقد ترجم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله ( باب إتمام التكبير في الركوع والسجود ) وساق حديث
مطرف بن عبد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830174صليت خلف علي بن أبي طالب أنا nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين ، فكان إذا سجد كبر ، وإذا رفع رأسه كبر ، وإذا [ ص: 168 ] نهض من الركعتين كبر ، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال : لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو قال : لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم . وحديث
عكرمة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830175رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع ، وإذا قام وإذا وضع ، فأخبرت ابن عباس فقال : أوليس تلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لا أم لك فدلك
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله بهذا الباب على أن التكبير لم يكن معمولا به عندهم . روى
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي عن
يزيد بن أبي مريم عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836821صلى بنا علي يوم الجمل صلاة أذكرنا بها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يكبر في كل خفض ورفع ، وقيام وقعود ، قال أبو موسى : فإما نسيناها وإما تركناها عمدا .
قلت : أتراهم أعادوا الصلاة ! فكيف يقال من ترك التكبير بطلت صلاته ! ولو كان ذلك لم يكن فرق بين السنة والفرض ، والشيء إذا لم يجب أفراده لم يجب جميعه ، وبالله التوفيق .