قوله تعالى
قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون [ ص: 283 ] قوله تعالى
قال قد أجيبت دعوتكما قال
أبو العالية : دعا
موسى وأمن
هارون ; فسمي
هارون وقد أمن على الدعاء داعيا .
والتأمين على الدعاء أن يقول آمين ; فقولك آمين دعاء ، أي يا رب استجب لي . وقيل : دعا
هارون مع
موسى أيضا . وقال أهل المعاني : ربما خاطبت العرب الواحد بخطاب الاثنين ; قال الشاعر :
فقلت لصاحبي لا تعجلانا بنزع أصوله فاجتز شيحا
وهذا على أن آمين ليس بدعاء ، وأن
هارون لم يدع . قال
النحاس : سمعت
علي بن سليمان يقول : الدليل على أن الدعاء لهما قول
موسى عليه السلام ( ربنا ) ولم يقل رب . وقرأ
علي والسلمي " دعواتكما " بالجمع . وقرأ
ابن السميقع " أجبت دعوتكما " خبرا عن الله تعالى ، ونصب ( دعوة ) بعده . وتقدم القول في " آمين " في آخر الفاتحة مستوفى . وهو مما خص به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وهارون وموسى عليهما السلام . روى
أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله قد أعطى أمتي ثلاثا لم تعط أحدا قبلهم : السلام ، وهي تحية أهل الجنة ، وصفوف الملائكة ، وآمين : إلا ما كان من موسى وهارون ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وقد تقدم في الفاتحة .
قوله تعالى ( فاستقيما ) قال
الفراء وغيره : أمر بالاستقامة على أمرهما والثبات عليه من دعاء فرعون وقومه إلى الإيمان ، إلى أن يأتيهما تأويل الإجابة . قال
محمد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : مكث فرعون وقومه بعد هذه الإجابة أربعين سنة ثم أهلكوا . وقيل : استقيما أي على الدعاء ;
والاستقامة في الدعاء ترك الاستعجال في حصول المقصود ، ولا يسقط الاستعجال من القلب إلا باستقامة السكينة فيه ، ولا تكون تلك السكينة إلا بالرضا الحسن لجميع ما يبدو من الغيب .
ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون بتشديد النون في موضع جزم على النهي ، والنون للتوكيد ، وحركت لالتقاء الساكنين ، واختير لها الكسر لأنها أشبهت نون الاثنين . وقرأ
ابن ذكوان بتخفيف النون على النفي . وقيل : هو حال من ( استقيما ) ; أي استقيما غير متبعين ، والمعنى : لا تسلكا طريق من لا يعلم حقيقة وعدي ووعيدي .