قوله تعالى :
وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم قوله تعالى : " وكذلك يجتبيك ربك " الكاف في موضع نصب ; لأنها نعت لمصدر محذوف ، وكذلك الكاف في قوله : " كما أتمها على أبويك من قبل " و " ما " كافة . وقيل : " وكذلك " أي كما أكرمك بالرؤيا فكذلك يجتبيك ، ويحسن إليك بتحقيق الرؤيا . قال
مقاتل : بالسجود لك .
الحسن : بالنبوة . والاجتباء اختيار معالي الأمور للمجتبى ، وأصله من جبيت الشيء أي حصلته ، ومنه جبيت الماء في الحوض ; قاله
النحاس . وهذا ثناء من الله
[ ص: 115 ] تعالى على
يوسف - عليه السلام - وتعديد فيما عدده عليه من النعم التي أتاه الله تعالى ; من التمكين في الأرض ، وتعليم تأويل الأحاديث ; وأجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد بن الهاد : كان تفسير رؤيا
يوسف - صلى الله عليه وسلم - بعد أربعين سنة ; وذلك منتهى الرؤيا . وعنى بالأحاديث ما يراه الناس في المنام ، وهي معجزة له ; فإنه لم يلحقه فيها خطأ . وكان
يوسف - عليه السلام - أعلم الناس بتأويلها ، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك ، وكان الصديق - رضي الله عنه - من أعبر الناس لها ، وحصل
لابن سيرين فيها التقدم العظيم ، والطبع والإحسان ، ونحوه أو قريب منه كان
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب فيما ذكروا .
ويعلمك من تأويل الأحاديث أي أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد ، فهو إشارة إلى النبوة ، وهو المقصود بقوله : " ويتم نعمته عليك " أي بالنبوة . وقيل : بإخراج إخوتك إليك ; وقيل : بإنجائك من كل مكروه .
" كما أتمها على أبويك من قبل
إبراهيم " بالخلة ، وإنجائه من النار .
"
وإسحاق " بالنبوة . وقيل : من الذبح ; قاله
عكرمة .
وأعلمه الله تعالى بقوله : " وعلى آل يعقوب " أنه سيعطي بني
يعقوب كلهم النبوة ; قاله جماعة من المفسرين .
إن ربك عليم بما يعطيك .
" حكيم " في فعله بك .