قوله تعالى : قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون قوله تعالى :
قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف قيل
للحسن : أيحسد المؤمن ؟ قال : ما أنساك ببني
يعقوب . ولهذا قيل : الأب جلاب والأخ سلاب ; فعند ذلك أجمعوا على التفريق بينه وبين ولده بضرب من الاحتيال . وقالوا
ليعقوب :
يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وقيل : لما تفاوضوا وافترقوا على رأي المتكلم الثاني عادوا إلى
يعقوب - عليه السلام -
[ ص: 123 ] وقالوا : هذا القول . وفيه دليل على أنهم سألوه قبل ذلك أن يخرج معهم
يوسف فأبى على ما يأتي . قرأ
يزيد بن القعقاع nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري " لا تأمنا " بالإدغام ، وبغير إشمام وهو القياس ; لأن سبيل ما يدغم أن يكون ساكنا . وقرأ
طلحة بن مصرف " لا تأمننا " بنونين ظاهرتين على الأصل . وقرأ
يحيى بن وثاب وأبو رزين - وروي عن
الأعمش - " ولا تيمنا " بكسر التاء ، وهي لغة
تميم ; يقولون : أنت تضرب ; وقد تقدم . وقرأ سائر الناس بالإدغام والإشمام ليدل على حال الحرف قبل إدغامه
وإنا له لناصحون أي في حفظه وحيطته حتى نرده إليك . قال
مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ; وذلك أن إخوة
يوسف قالوا لأبيهم :
أرسله معنا غدا الآية ; فحينئذ قال أبوهم :
إني ليحزنني أن تذهبوا به فقالوا حينئذ جوابا لقوله
ما لك لا تأمنا على يوسف الآية .
أرسله معنا غدا إلى الصحراء . غدا ظرف ، والأصل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه غدو ، وقد نطق به على الأصل ; قال
النضر بن شميل : ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غدوة ، وكذا بكرة .
نرتع ونلعب بالنون وإسكان العين قراءة
أهل البصرة . والمعروف من قراءة
أهل مكة . " نرتع " بالنون وكسر العين ، وقراءة
أهل الكوفة .
يرتع ويلعب بالياء وإسكان العين ، وقراءة
أهل المدينة بالياء وكسر العين ; القراءة الأولى من قول العرب رتع الإنسان والبعير إذا أكلا كيف شاءا ; والمعنى : نتسع في الخصب ; وكل مخصب راتع ; قال :
فارعي فزارة لا هناك المرتع
وقال آخر :
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت فإنما هي إقبال وإدبار
وقال آخر :
أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا
أي الراتعة لكثرة المرعى . وروى
معمر عن
قتادة " ترتع " تسعى ; قال
النحاس : أخذه من قوله :
إنا ذهبنا نستبق لأن المعنى : نستبق في العدو إلى غاية بعينها ; وكذا " يرتع " بإسكان العين ، إلا أنه
ليوسف وحده - صلى الله عليه وسلم - و " يرتع " بكسر العين من رعي الغنم ، أي ليتدرب بذلك ويترجل ; فمرة يرتع ، ومرة يلعب لصغره . وقال القتبي " نرتع " نتحارس ونتحافظ ، ويرعى بعضنا بعضا ; من قولك : رعاك الله ; أي حفظك . " ونلعب " من اللعب وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=12114لأبي عمرو بن العلاء : كيف قالوا " ونلعب " وهم أنبياء ؟ فقال : لم يكونوا يومئذ أنبياء . وقيل : المراد باللعب
[ ص: 124 ] المباح من الانبساط ، لا اللعب المحظور الذي هو ضد الحق ; ولذلك لم ينكر
يعقوب قولهم " ونلعب " . ومنه قوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835273فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك . وقرأ
مجاهد وقتادة : يرتع على معنى يرتع مطيته ، فحذف المفعول ; ويلعب بالرفع على الاستئناف ; والمعنى : هو ممن يلعب
وإنا له لحافظون من كل ما تخاف عليه . ثم يحتمل أنهم كانوا يخرجون ركبانا ، ويحتمل أنهم كانوا رجالة . وقد نقل أنهم حملوا
يوسف على أكتافهم ما دام
يعقوب يراهم ، ثم لما غابوا عن عينه طرحوه ليعدو معهم إضرارا به .