[ ص: 298 ] قوله تعالى :
ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور قوله تعالى : ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أي بحجتنا وبراهيننا ; أي بالمعجزات الدالة على صدقه . قال
مجاهد : هي التسع الآيات
أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور نظيره قوله تعالى : لنبينا - عليه السلام - أول السورة :
لتخرج الناس من الظلمات إلى النور وقيل : " أن " هنا بمعنى أي ، كقوله تعالى :
وانطلق الملأ منهم أن امشوا أي امشوا .
قوله تعالى : وذكرهم بأيام الله أي قل لهم قولا يتذكرون به أيام الله تعالى . قال
ابن عباس ومجاهد وقتادة : بنعم الله عليهم ; وقاله
أبي بن كعب ورواه مرفوعا ; أي بما أنعم الله عليهم من النجاة من
فرعون ومن التيه إلى سائر النعم ، وقد تسمى النعم الأيام ; ومنه قول
عمرو بن كلثوم :
وأيام لنا غر طوال
وعن
ابن عباس أيضا
ومقاتل : بوقائع الله في الأمم السالفة ; يقال : فلان عالم بأيام العرب ، أي بوقائعها . قال
ابن زيد : يعني الأيام التي انتقم فيها من الأمم الخالية ; وكذلك روى
ابن وهب عن
مالك قال : بلاؤه . وقال
الطبري : وعظهم بما سلف في الأيام الماضية لهم ، أي بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة ; وقد كانوا عبيدا مستذلين ; واكتفى بذكر الأيام عنه لأنها كانت معلومة عندهم . وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس عن
أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500153بينا موسى - عليه السلام - في قومه يذكرهم بأيام الله ، وأيام الله بلاؤه ونعماؤه وذكر حديث
الخضر ; ودل هذا على
جواز الوعظ المرقق للقلوب ، المقوي
[ ص: 299 ] لليقين . الخالي من كل بدعة ، والمنزه عن كل ضلالة وشبهة .
إن في ذلك أي في التذكير بأيام الله " لآيات " أي دلالات . لكل صبار أي كثير الصبر على طاعة الله ، وعن معاصيه . شكور لنعم الله . وقال
قتادة : هو العبد ; إذا أعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839449الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر - ثم تلا هذه الآية - إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . ونحوه عن
الشعبي موقوفا . وتوارى
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عن
الحجاج سبع سنين ، فلما بلغه موته قال : اللهم قد أمته فأمت سنته ، وسجد شكرا ، وقرأ :
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . وإنما خص بالآيات كل صبار شكور ; لأنه يعتبر بها ولا يغفل عنها ; كما قال :
إنما أنت منذر من يخشاها وإن كان منذرا للجميع .