قوله تعالى : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فيه مسألة واحدة : وهو أن اليقين الموت . أمره بعبادته إذ قصر عباده في خدمته ، وأن ذلك يجب عليه . فإن قيل : فما فائدة قوله :
حتى يأتيك اليقين وكان قوله :
واعبد ربك كافيا في الأمر بالعبادة . قيل له : الفائدة في هذا أنه لو قال :
واعبد ربك مطلقا ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا ; وإذا قال
حتى يأتيك اليقين كان معناه لا تفارق هذا حتى تموت . فإن قيل : كيف قال سبحانه :
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ولم يقل أبدا ; فالجواب أن اليقين أبلغ من قوله : أبدا ; لاحتمال لفظ الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد . وقد تقدم هذا المعنى . والمراد استمرار العبادة مدة حياته ، كما قال العبد الصالح :
وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . ويتركب على هذا أن
الرجل إذا قال لامرأته : أنت طالق أبدا ، وقال : نويت يوما أو شهرا كانت عليه الرجعة . ولو قال : طلقتها حياتها لم يراجعها . والدليل على أن اليقين الموت حديث
أم العلاء الأنصارية ، وكانت من المبايعات ، وفيه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835390أما عثمان - أعني عثمان بن مظعون - فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به وذكر الحديث . انفرد بإخراجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - ! وكان
عمر بن عبد العزيز يقول : ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ثم لا يستعدون له ; يعني كأنهم فيه شاكون . وقد قيل : إن اليقين هنا الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك ; قاله
ابن شجرة ; والأول أصح ، وهو قول
مجاهد وقتادة والحسن . والله أعلم . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير عن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين لكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .