قوله تعالى : ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا أي يا ذرية من حملنا ، على النداء ; قال
مجاهد ورواه عنه
ابن أبي نجيح . والمراد بالذرية كل من احتج عليه بالقرآن ، وهم جميع من على الأرض ; ذكره
المهدوي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : يعني
موسى وقومه من
بني إسرائيل ، والمعنى يا ذرية من حملنا مع
نوح لا تشركوا . وذكر
نوحا ليذكرهم نعمة الإنجاء من الغرق على آبائهم . وروى
سفيان عن
حميد عن
مجاهد أنه قرأ ( ذرية ) بفتح الذال وتشديد الراء والياء . وروى هذه القراءة
عامر بن الواجد عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت أيضا ذرية بكسر الذال وشد الراء . ثم بين أن
نوحا كان عبدا شكورا يشكر الله على نعمه ولا يرى الخير إلا من عنده . قال
قتادة : كان إذا لبس ثوبا قال : بسم الله ، فإذا نزعه قال : الحمد لله . كذا روى عنه
معمر . وروى
معمر عن
منصور عن
إبراهيم قال : شكره إذا أكل قال : بسم الله ، فإذا فرغ من الأكل قال : الحمد لله . قال
سلمان الفارسي : لأنه كان يحمد الله على طعامه . وقال
عمران بن سليم : إنما سمى
نوحا عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل قال : الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء لأجاعني ، وإذا شرب قال : الحمد لله الذي سقاني ولو شاء لأظمأني ، وإذا اكتسى قال : الحمد لله الذي كساني ولو شاء لأعراني ، وإذا احتذى قال : الحمد لله الذي حذاني ولو شاء لأحفاني ، وإذا قضى حاجته قال : الحمد لله الذي أخرج عني الأذى ولو شاء لحبسه في . ومقصود الآية : إنكم من ذرية
نوح وقد كان عبدا شكورا فأنتم أحق بالاقتداء به دون آبائكم الجهال . وقيل : المعنى أن
موسى كان عبدا شكورا إذ جعله الله من ذرية
نوح .
وقيل : يجوز أن يكون ذرية مفعولا ثانيا
[ ص: 194 ] ل تتخذوا ويكون قوله : وكيلا يراد به الجمع فيسوغ ذلك في القراءتين جميعا أعني الياء والتاء في تتخذوا . ويجوز أيضا في القراءتين جميعا أن يكون ذرية بدلا من قوله وكيلا لأنه بمعنى الجمع ; فكأنه قال لا تتخذوا ذرية من حملنا مع
نوح . ويجوز نصبها بإضمار أعني وأمدح ، والعرب قد تنصب على المدح والذم . ويجوز رفعها على البدل من المضمر في تتخذوا في قراءة من قرأ بالياء ; ولا يحسن ذلك لمن قرأ بالتاء لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب . ويجوز جرها على البدل من
بني إسرائيل في الوجهين . فأما أن من قوله ألا تتخذوا فهي على قراءة من قرأ بالياء في موضع نصب بحذف الجار ، التقدير : هديناهم لئلا يتخذوا . ويصلح على قراءة التاء أن تكون زائدة والقول مضمر كما تقدم . ويصلح أن تكون مفسرة بمعنى أي ، لا موضع لها من الإعراب ، وتكون " لا " للنهي فيكون خروجا من الخبر إلى النهي .