قوله تعالى : ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا قوله تعالى :
ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير قال
ابن عباس وغيره : هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له : اللهم أهلكه ، ونحوه .
دعاءه بالخير أي كدعائه ربه أن يهب له العافية ; فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك . نظيره :
ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير وقد تقدم . وقيل : نزلت في
النضر بن الحارث ، كان يدعو ويقول :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . وقيل : هو أن يدعو في طلب المحظور كما يدعو في طلب المباح ، قال الشاعر وهو
ابن جامع :
أطوف بالبيت فيمن يطوف وأرفع من مئزري المسبل وأسجد بالليل حتى الصباح
وأتلو من المحكم المنزل عسى فارج الهم عن يوسف
يسخر لي ربة المحمل
قال
الجوهري : يقال ما على فلان محمل مثال مجلس أي معتمد . والمحمل أيضا : واحد محامل الحاج . والمحمل مثال المرجل : علاقة السيف . وحذفت الواو من ويدع الإنسان
[ ص: 204 ] في اللفظ والخط ولم تحذف في المعنى لأن موضعها رفع فحذفت لاستقبالها اللام الساكنة ; كقوله - تعالى - :
سندع الزبانية ويمح الله الباطل وسوف يؤت الله المؤمنين يناد المناد فما تغن النذر .
وكان الإنسان عجولا أي طبعه العجلة ، فيعجل بسؤال الشر كما يعجل بسؤال الخير . وقيل : أشار به إلى
آدم - عليه السلام - حين نهض قبل أن تركب فيه الروح على الكمال . قال
سلمان : أول ما خلق الله - تعالى - من
آدم رأسه فجعل ينظر وهو يخلق جسده ، فلما كان عند العصر بقيت رجلاه لم ينفخ فيهما الروح فقال : يا رب عجل قبل الليل ; فذلك قوله :
وكان الإنسان عجولا . وقال
ابن عباس : لما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فذهب لينهض فلم يقدر ; فذلك قوله :
وكان الإنسان عجولا . وقال
ابن مسعود : لما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة ; فذلك حين يقول :
خلق الإنسان من عجل ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وفي صحيح
مسلم عن
أنس بن مالك nindex.php?page=hadith&LINKID=835492أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لما صور الله - تعالى - آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك وقد تقدم .
وقيل : سلم - عليه السلام - أسيرا إلى سودة فبات يئن فسألته فقال : أنيني لشدة القد والأسر ; فأرخت من كتافه فلما نامت هرب ; فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : قطع الله يديك فلما أصبحت كانت تتوقع الآفة ; فقال - عليه السلام - : إني سألت الله - تعالى - أن يجعل دعائي على من لا يستحق من أهلي رحمة لأني بشر أغضب كما يغضب البشر ونزلت الآية ; ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر - رحمه الله - . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835493اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفينه فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته [ ص: 205 ] فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة . وفي الباب عن
عائشة وجابر . وقيل : معنى
وكان الإنسان عجولا أي يؤثر العاجل وإن قل ، على الآجل وإن جل .