قوله تعالى : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا قوله تعالى :
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق قد مضى الكلام فيه في الأنعام .
قوله تعالى :
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
ومن قتل مظلوما أي بغير سبب يوجب القتل .
فقد جعلنا لوليه أي لمستحق دمه . قال
ابن خويز منداد : الولي يجب أن يكون ذكرا ; لأنه أفرده بالولاية بلفظ التذكير . وذكر
إسماعيل بن إسحاق في قوله - تعالى - :
فقد جعلنا لوليه ما يدل على خروج المرأة عن مطلق لفظ الولي ، فلا جرم ، ليس للنساء حق في القصاص لذلك ولا أثر لعفوها ، وليس لها الاستيفاء . وقال المخالف : إن المراد هاهنا بالولي الوارث ; وقد قال - تعالى - :
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ، وقال :
والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء ، وقال :
وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فاقتضى ذلك
إثبات القود لسائر الورثة ; وأما ما ذكروه من أن الولي في ظاهره على التذكير وهو واحد ، كأن ما كان بمعنى الجنس يستوي المذكر والمؤنث فيه ، وتتمته في كتب الخلاف .
سلطانا أي تسليطا إن شاء قتل وإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدية ; قاله
ابن عباس - رضي الله - تعالى - عنهما -
والضحاك وأشهب nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
ابن وهب قال
مالك : السلطان أمر الله .
ابن عباس : السلطان الحجة . وقيل : السلطان طلبه حتى يدفع إليه . قال
ابن [ ص: 230 ] العربي : وهذه الأقوال متقاربة ، وأوضحها قول
مالك : إنه أمر الله . ثم إن أمر الله - عز وجل - لم يقع نصا فاختلف العلماء فيه ; فقال
ابن القاسم عن
مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة : القتل خاصة . وقال
أشهب : الخيرة ; كما ذكرنا آنفا ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقد مضى في سورة [ البقرة ] هذا المعنى .
الثانية : قوله تعالى :
فلا يسرف في القتل فيه ثلاثة أقوال : لا يقتل غير قاتله ; قاله
الحسن والضحاك ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير . الثاني : لا يقتل بدل وليه اثنين كما كانت العرب تفعله . الثالث : لا يمثل بالقاتل ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب ، وكله مراد لأنه إسراف منهي عنه . وقد مضى في [ البقرة ] القول في هذا مستوفى . وقرأ الجمهور يسرف بالياء ، يريد الولي ، وقرأ
ابن عامر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " تسرف " بالتاء من فوق ، وهي قراءة
حذيفة . وروى
العلاء بن عبد الكريم عن
مجاهد قال : هو للقاتل الأول ، والمعنى عندنا فلا تسرف أيها القاتل . وقال
الطبري : هو على معنى الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأئمة من بعده . أي لا تقتلوا غير القاتل . وفي حرف
أبي " فلا تسرفوا في القتل " .
الثالثة :
إنه كان منصورا أي معانا ، يعني الولي . فإن قيل : وكم من ولي مخذول لا يصل إلى حقه . قلنا : المعونة تكون بظهور الحجة تارة وباستيفائها أخرى ، وبمجموعهما ثالثة ، فأيها كان فهو نصر من الله - سبحانه وتعالى - . وروى
ابن كثير عن
مجاهد قال : إن المقتول كان منصورا .
النحاس : ومعنى قوله إن الله نصره بوليه . وروي أنه في قراءة
أبي " فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا " . قال
النحاس : الأبين بالياء ويكون للولي ; لأنه إنما يقال : لا يسرف إن كان له أن يقتل ، فهذا للولي . وقد يجوز بالتاء ويكون للولي أيضا ، إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة . قال
الضحاك : هذا أول ما نزل من القرآن في شأن القتل ، وهي مكية .