قوله تعالى : قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا قوله تعالى :
قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء يعني الآيات التسع . وأنزل بمعنى أوجد .
إلا رب السماوات والأرض بصائر أي دلالات يستدل بها على قدرته ووحدانيته . وقراءة العامة علمت بفتح التاء ، خطابا
لفرعون . وقرأ
الكسائي بضم التاء ، وهي قراءة
علي - رضي الله عنه - ; وقال : والله ما علم عدو الله ولكن
موسى هو الذي يعلم ، فبلغت
ابن عباس فقال : إنها " لقد علمت " ، واحتج بقوله - تعالى - :
وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا . ونسب
فرعون إلى العناد . وقال
أبو عبيد : والمأخوذ به عندنا فتح التاء ، وهو الأصح للمعنى الذي احتج به
ابن عباس ; ولأن
موسى لا يحتج بقوله : علمت أنا ، وهو الرسول الداعي ، ولو كان مع هذا كله تصح به القراءة عن
علي لكانت حجة ، ولكن لا تثبت عنه ، إنما هي عن
كلثوم المرادي وهو مجهول لا يعرف ، ولا نعلم أحدا قرأ بها غير الكسائي . وقيل : إنما أضاف
موسى إلى
فرعون العلم بهذه المعجزات ; لأن
فرعون قد علم مقدار ما يتهيأ للسحرة فعله ، وأن مثل ما فعل
موسى لا يتهيأ لساحر ، وأنه لا يقدر على فعله إلا من يفعل الأجسام ويملك السماوات والأرض . وقال
مجاهد : دخل
موسى على
فرعون في يوم شات وعليه قطيفة له ، فألقى
موسى عصاه فإذا هي ثعبان ، فرأى
فرعون جانبي البيت بين فقميها ، ففزع وأحدث في قطيفته .
وإني لأظنك يافرعون مثبورا الظن هنا بمعنى التحقيق . والثبور : الهلاك والخسران أيضا . قال
الكميت :
[ ص: 303 ] ورأت قضاعة في الأيا من رأي مثبور وثابر
أي مخسور وخاسر ، يعني في انتسابها إلى اليمن . وقيل : ملعونا . رواه المنهال عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس . وقاله أبان بن تغلب . وأنشد :
يا قومنا لا تروموا حربنا سفها إن السفاه وإن البغي مثبور
أي ملعون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
ابن عباس : مثبورا ناقص العقل . ونظر
المأمون رجلا فقال له : يا مثبور ; فسأل عنه قال . قال
الرشيد قال
المنصور لرجل : مثبور ; فسألته فقال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران . . . فذكره . وقال
قتادة هالكا . وعنه أيضا
والحسن ومجاهد . مهلكا . والثبور : الهلاك ; يقال : ثبر الله العدو ثبورا أهلكه . وقيل : ممنوعا من الخير حكى أهل اللغة : ما ثبرك عن كذا أي ما منعك منه . وثبره الله ثبرا . قال
ابن الزبعرى :
إذ أجاري الشيطان في سنن الغ ي ومن مال ميله مثبور
الضحاك : مثبورا مسحورا . رد عليه مثل ما قال له باختلاف اللفظ . وقال
ابن زيد : مثبورا مخبولا لا عقل له .