قوله تعالى :
ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال بعض النحويين : التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال . قال
النحاس : وهذا غلط من أجل الواو وقيل : المعنى واذكر يوم نسير الجبال ، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض ، ونسيرها كما نسير السحاب ; كما قال في آية أخرى وهي تمر مر السحاب . ثم تكسر فتعود إلى الأرض ; كما قال : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا . وقرأ
ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر " ويوم تسير " بتاء مضمومة وفتح الياء . و " الجبال " رفعا على الفعل المجهول . وقرأ
ابن محيصن ومجاهد " ويوم تسير الجبال " بفتح التاء مخففا من سار .
[ ص: 372 ] " الجبال " رفعا . دليل قراءة
أبي عمرو وإذا الجبال سيرت . ودليل قراءة
ابن محيصن وتسير الجبال سيرا . واختار
أبو عبيد القراءة الأولى نسير بالنون لقوله وحشرناهم . ومعنى " بارزة " ظاهرة ، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان ; أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها ، وهدم بنيانها ; فهي بارزة ظاهرة . وعلى هذا القول أهل التفسير . وقيل : وترى الأرض بارزة أي برز ما فيها من الكنوز والأموات ; كما قال وألقت ما فيها وتخلت وقال وأخرجت الأرض أثقالها وهذا قول
عطاء .
وحشرناهم أي إلى الموقف .
فلم نغادر منهم أحدا أي لم نترك ; يقال : غادرت كذا أي تركته . قال
عنترة :
غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل
أي تركته . والمغادرة الترك ; ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء . وإنما سمي الغدير من الماء غديرا لأن الماء ذهب وتركه . ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها . يقول : حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم .