قوله :
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [ ص: 435 ] قوله تعالى :
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض الضمير في تركنا لله - تعالى - ; أي تركنا الجن والإنس يوم القيامة يموج بعضهم في بعض . وقيل : تركنا
يأجوج ومأجوج يومئذ أي وقت كمال السد يموج بعضهم في بعض . واستعارة الموج لهم عبارة عن الحيرة وتردد بعضهم في بعض ، كالمولهين من هم وخوف ; فشبههم بموج البحر الذي يضطرب بعضه في بعض . وقيل : تركنا
يأجوج ومأجوج يوم انفتاح السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم . قلت : فهذه ثلاثة أقوال أظهرها أوسطها ، وأبعدها آخرها ، وحسن الأول ; لأنه تقدم ذكر القيامة في تأويل قوله - تعالى - :
فإذا جاء وعد ربي . والله أعلم .
قوله تعالى :
ونفخ في الصور تقدم في الأنعام .
فجمعناهم جمعا يعني الجن والإنس في عرصات القيامة .
وعرضنا جهنم أي أبرزناها لهم .
يومئذ للكافرين عرضا الذين كانت أعينهم في موضع خفض نعت للكافرين .
في غطاء عن ذكري أي هم بمنزلة من عينه مغطاة فلا ينظر إلى دلائل الله - تعالى - .
وكانوا لا يستطيعون سمعا أي لا يطيقون أن يسمعوا كلام الله - تعالى - ، فهم بمنزلة من صم .
قوله تعالى : أفحسب الذين كفروا أي ظن . وقرأ
علي وعكرمة ومجاهد وابن محيصن أفحسب بإسكان السين وضم الباء ; أي كفاهم .
أن يتخذوا عبادي يعني عيسى والملائكة وعزيرا .
من دوني أولياء ولا أعاقبهم ; ففي الكلام حذف . وقال
الزجاج : المعنى ; أفحسبوا أن ينفعهم ذلك .
إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا قوله تعالى : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا - الآية - فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط سعيه ، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة ، والمراد هنا الكفر . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
مصعب قال : سألت
أبيا قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا أهم
الحرورية ؟ قال : لا ; هم
اليهود والنصارى . وأما
اليهود فكذبوا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، وأما
النصارى فكفروا بالجنة ، فقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ;
والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ; وكان
سعد يسميهم الفاسقين . والآية معناها التوبيخ ; أي قل لهؤلاء الكفرة الذين عبدوا غيري : يخيب سعيهم وآمالهم غدا ; فهم
[ ص: 436 ] الأخسرون أعمالا ، وهم
الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا في عبادة من سواي .
قال
ابن عباس : ( يريد كفار
أهل مكة ) . وقال
علي : ( هم
الخوارج أهل حروراء . وقال مرة : هم الرهبان أصحاب الصوامع ) . وروي أن
ابن الكواء سأله عن الأخسرين أعمالا فقال له : أنت وأصحابك . قال
ابن عطية : ويضعف هذا كله قوله - تعالى - بعد ذلك :
أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم .
وليس من هذه الطوائف من يكفر بالله ولقائه والبعث والنشور ، وإنما هذه صفة مشركي
مكة عبدة الأوثان ،
وعلي وسعد - رضي الله عنهما - ذكرا أقواما أخذوا بحظهم من هذه الآية . و
أعمالا نصب على التمييز . و حبطت قراءة الجمهور بكسر الباء . وقرأ
ابن عباس " حبطت " بفتحها .
الثانية :
قوله تعالى : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا قراءة الجمهور
نقيم بنون العظمة . وقرأ
مجاهد بياء الغائب ; يريد فلا يقيم الله - عز وجل - ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير " فلا يقوم " ويلزمه أن يقرأ " وزن " وكذلك قرأ
مجاهد " فلا يقوم لهم يوم القيامة وزن " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير : يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله جناح بعوضة .
قلت : هذا لا يقال مثله من جهة الرأي ، وقد ثبت معناه مرفوعا في صحيحي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835663إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرءوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا . والمعنى أنهم لا ثواب لهم ، وأعمالهم مقابلة بالعذاب ، فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار . وقال
أبو سعيد الخدري : يؤتى بأعمال كجبال تهامة فلا تزن شيئا . وقيل : يحتمل أن يريد المجاز والاستعارة ; كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذ ; والله أعلم . وفي هذا الحديث من الفقه ذم السمن لمن تكلفه ، لما في ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم ، بل يدل على تحريم
الأكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به الترفه والسمن . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :
إن أبغض الرجال إلى الله - تعالى - الحبر السمين ومن حديث
عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835664خيركم قرني ثم الذين يلونهم - قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة - ثم إن من بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا [ ص: 437 ] يوفون ويظهر فيهم السمن وهذا ذم . وسبب ذلك أن السمن المكتسب إنما هو من كثرة الأكل والشره ، والدعة والراحة والأمن والاسترسال مع النفس على شهواتها ، فهو عبد نفسه لا عبد ربه ، ومن كان هذا حاله وقع لا محالة في الحرام ، وكل لحم تولد عن سحت فالنار أولى به ; وقد ذم الله - تعالى - الكفار بكثرة الأكل فقال :
والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم فإذا كان المؤمن يتشبه بهم ، ويتنعم بتنعمهم في كل أحواله وأزمانه ، فأين حقيقة الإيمان ، والقيام بوظائف الإسلام ؟ ! ومن كثر أكله وشربه كثر نهمه وحرصه ، وزاد بالليل كسله ونومه ، فكان نهاره هائما ، وليله نائما . وقد مضى في " الأعراف " هذا المعنى ; وتقدم فيها ذكر الميزان ، وأن له كفتين توزن فيهما صحائف الأعمال فلا معنى للإعادة . وقال - عليه الصلاة والسلام - حين ضحكوا من حمش ساق
ابن مسعود وهو يصعد النخلة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839919تضحكون من ساق توزن بعمل أهل الأرض فدل هذا على أن الأشخاص توزن ; ذكره
الغزنوي .
قوله تعالى :
ذلك جزاؤهم ذلك إشارة إلى ترك الوزن ، وهو في موضع رفع بالابتداء جزاؤهم خبره .
جهنم بدل من المبتدإ الذي هو ذلك .
وما في قوله : بما كفروا مصدرية ، والهزء الاستخفاف والسخرية ; وقد تقدم .
قوله تعالى :
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا قال
قتادة : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأعلاها وأفضلها وأرفعها وقال
nindex.php?page=showalam&ids=481أبو أمامة الباهلي : الفردوس سرة الجنة . وقال
كعب : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ; فيها الآمرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835665من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا : يا رسول الله أفلا نبشر الناس ؟ قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله - تعالى - فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة - أراه [ ص: 438 ] قال - وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة وقال
مجاهد : والفردوس البستان بالرومية .
الفراء : هو عربي . والفردوس حديقة في الجنة . وفردوس اسم روضة دون اليمامة . والجمع فراديس ، قال
أمية بن أبي الصلت الثقفي : كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة فيها الفراديس والفومان والبصل
والفراديس موضع
بالشام . وكرم مفردس أي معرش .
خالدين فيها أي دائمين .
لا يبغون عنها حولا أي لا يطلبون تحويلا عنها إلى غيرها . والحول بمعنى التحويل ; قاله
أبو علي . وقال
الزجاج : حال من مكانه حولا كما يقال : عظم عظما . قال : ويجوز أن يكون من الحيلة ، أي لا يحتالون منزلا غيرها . قال
الجوهري : التحول التنقل من موضع إلى موضع ، والاسم الحول ، ومنه قوله - تعالى - :
خالدين فيها لا يبغون عنها حولا .
قوله تعالى :
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي نفد الشيء إذا تم وفرغ ; وقد تقدم .
ولو جئنا بمثله مددا أي زيادة على البحر عددا أو وزنا . وفي مصحف
أبي " مدادا " وكذلك قرأها
مجاهد وابن محيصن وحميد . وانتصب
مددا على التمييز أو الحال . وقال
ابن عباس : قالت اليهود لما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قالوا : وكيف وقد أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا ؟ فنزلت
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر الآية . وقيل : قالت
اليهود إنك أوتيت الحكمة ، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، ثم زعمت أنك لا علم لك بالروح ؟ ! فقال الله - تعالى - قل وإن أوتيت القرآن وأوتيتم التوراة فهي بالنسبة إلى كلمات الله - تعالى - قليلة ، قال
ابن عباس :
كلمات ربي أي مواعظ ربي . وقيل : عنى بالكلمات الكلام القديم الذي لا غاية له ولا منتهى ، وهو وإن كان واحدا فيجوز أن يعبر عنه بلفظ الجمع لما فيه من فوائد الكلمات ، ولأنه ينوب منابها ، فجازت العبارة عنها بصيغة الجمع تفخيما ; وقال
الأعشى : ووجه نقي اللون صاف يزينه مع الجيد لبات لها ومعاصم
فعبر باللبات عن اللبة . وفي التنزيل
نحن أولياؤكم و
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لنحن نحيي ونميت وكذلك
إن إبراهيم كان أمة لأنه ناب مناب أمة . وقيل : أي ما
[ ص: 439 ] نفدت العبارات والدلالات التي تدل على مفهومات معاني كلامه - سبحانه وتعالى - . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أي إن كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد صفات الجنة التي هي دار الثواب . وقال
عكرمة : لنفد البحر قبل أن ينفد
ثواب من قال لا إله إلا الله . ونظير هذه الآية :
ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " قبل أن ينفد " بالياء لتقدم الفعل .
قوله تعالى :
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أي لا أعلم إلا ما يعلمني الله - تعالى - ، وعلم الله - تعالى - لا يحصى ، وإنما أمرت بأن أبلغكم بأنه لا إله إلا الله .
فمن كان يرجو لقاء ربه أي يرجو رؤيته وثوابه ويخشى عقابه .
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال
ابن عباس : نزلت في
جندب بن زهير العامري قال :
يا رسول الله إني أعمل العمل لله - تعالى - ، وأريد وجه الله - تعالى - ، إلا أنه إذا اطلع عليه سرني ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الله طيب ولا يقبل إلا الطيب ولا يقبل ما شورك فيه فنزلت الآية . وقال
طاوس قال رجل : يا رسول الله ! إني أحب الجهاد في سبيل الله - تعالى - وأحب أن يرى مكاني فنزلت هذه الآية . وقال
مجاهد : جاء رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ! إني أتصدق وأصل الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله - تعالى - فيذكر ذلك مني وأحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به ، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقل شيئا ، فأنزل الله - تعالى -
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .
قلت : والكل مراد ، والآية تعم ذلك كله وغيره من الأعمال . وقد تقدم في سورة " هود " حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الصحيح في الثلاثة الذين يقضى عليهم أول الناس . وقد تقدم في سورة " النساء " الكلام على الرياء ، وذكرنا من الأخبار هناك ما فيه كفاية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وقال جميع أهل التأويل : معنى
قوله - تعالى - : ولا يشرك بعبادة ربه أحدا إنه لا يرائي بعمله أحدا . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم - رحمه الله تعالى - في ( نوادر الأصول ) قال : حدثنا أبي
[ ص: 440 ] - رحمه الله تعالى - قال : حدثنا
مكي بن إبراهيم قال : حدثنا
عبد الواحد بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16294عبادة بن نسي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839922أتيت شداد بن أوس في مصلاه وهو يبكي ، فقلت : ما الذي أبكاك يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما ، إذ رأيت بوجهه أمرا ساءني فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أرى بوجهك ؟ قال : أمرا أتخوفه على أمتي من بعدي قلت : ما هو يا رسول الله ؟ قال : الشرك والشهوة الخفية قلت : يا رسول الله ! وتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : يا شداد أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ولكنهم يراءون بأعمالهم قلت : والرياء شرك هو ؟ قال : نعم . قلت : فما الشهوة الخفية ؟ قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوات الدنيا فيفطر قال
عبد الواحد : فلقيت
الحسن ، فقلت : يا
أبا سعيد ! أخبرني عن الرياء أشرك هو ؟ قال : نعم ; أما تقرأ
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا . وروى
إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا
محمد بن أبي بكر قال حدثنا
المعتمر بن سليمان عن
ليث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب قال : كان
عبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=75وشداد بن أوس جالسين ، فقالا : إنا نتخوف على هذه الأمة من الشرك والشهوة الخفية ، فأما الشهوة الخفية فمن قبل النساء . وقالا : سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839923من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ومن صام صياما يرائي به فقد أشرك ثم تلا فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .
قلت : وقد جاء تفسير الشهوة الخفية بخلاف هذا ، وقد ذكرناه في " النساء " . وقال
سهل بن عبد الله : وسئل
الحسن عن الإخلاص والرياء فقال : من
الإخلاص أن تحب أن تكتم حسناتك ولا تحب أن تكتم سيئاتك ، فإن أظهر الله عليك حسناتك تقول هذا من فضلك وإحسانك ، وليس هذا من فعلي ولا من صنيعي ، وتذكر قوله - تعالى - :
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .
والذين يؤتون ما آتوا الآية ; يؤتون الإخلاص ، وهم يخافون ألا يقبل منهم ; وأما
الرياء فطلب حظ النفس من [ ص: 441 ] عملها في الدنيا ; قيل لها : كيف يكون هذا ؟ قال : من طلب بعمل بينه وبين الله - تعالى - سوى وجه الله - تعالى - والدار الآخرة فهو رياء . وقال علماؤنا - رضي الله تعالى عنهم - : وقد
يفضي الرياء بصاحبه إلى استهزاء الناس به ; كما يحكى أن
طاهر بن الحسين قال
nindex.php?page=showalam&ids=16931لأبي عبد الله المروزي : منذ كم صرت إلى
العراق يا
أبا عبد الله ؟ قال : دخلت
العراق منذ عشرين سنة وأنا منذ ثلاثين سنة صائم ; فقال يا
أبا عبد الله سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين . وحكى
الأصمعي أن أعرابيا صلى فأطال وإلى جانبه قوم ، فقالوا : ما أحسن صلاتك ؟ ! فقال : وأنا مع ذلك صائم . أين هذا من قول
الأشعث بن قيس وقد صلى فخفف ، فقيل له إنك خففت ، فقال : إنه لم يخالطها رياء ; فخلص من تنقصهم بنفي الرياء عن نفسه ، والتصنع من صلاته ; وقد تقدم في " النساء " دواء الرياء من قول
لقمان ; وأنه كتمان العمل ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم حدثنا أبي - رحمه الله تعالى - قال : أنبأنا
الحماني قال : أنبأنا
جرير عن
ليث عن شيخ عن
معقل بن يسار قال : قال
أبو بكر وشهد به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839924ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشرك ، قال : هو فيكم أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم تقولها ثلاث مرات . وقال
عمر بن قيس الكندي سمعت
معاوية تلا هذه الآية على المنبر
فمن كان يرجو لقاء ربه فقال : إنها لآخر آية نزلت من السماء . وقال
عمر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839925أوحي إلي أنه من قرأ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا رفع له نور ما بين عدن إلى مكة حشوه الملائكة يصلون عليه ويستغفرون له . وقال
معاذ بن جبل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835666من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه ومن قرأها كلها كانت له نورا من الأرض إلى السماء وعن
ابن عباس أنه قال له رجل : إني أضمر أن أقوم ساعة من الليل فيغلبني النوم ، فقال : إذا أردت أن تقوم أي ساعة شئت من الليل فاقرأ إذا أخذت مضجعك
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي إلى آخر السورة فإن الله
[ ص: 442 ] - تعالى - يوقظك متى شئت من الليل ; ذكر هذه الفضائل
الثعلبي - رضي الله تعالى عنه - . وفي مسند
nindex.php?page=showalam&ids=14272الدارمي أبي محمد أخبرنا
محمد بن كثير عن
الأوزاعي عن
عبدة عن
زر بن حبيش قال من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقوم من الليل قامها ; قال
عبدة فجربناه فوجدناه كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : كان شيخنا
الطرطوشي الأكبر يقول : لا تذهب بكم الأزمان في مصاولة الأقران ، ومواصلة الإخوان ; وقد ختم - سبحانه وتعالى - البيان بقوله :
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .