قوله تعالى :
صم بكم عمي فهم لا يرجعون قوله تعالى : صم بكم عمي صم أي هم صم ، فهو خبر ابتداء مضمر . وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة : " صما بكما عميا " ، فيجوز النصب على الذم ، كما قال تعالى :
ملعونين أينما ثقفوا ، وكما قال :
وامرأته حمالة الحطب ، وكما قال الشاعر :
سقوني الخمر ثم تكنفوني عداة الله من كذب وزور
فنصب " عداة الله " على الذم . فالوقف على يبصرون على هذا المذهب صواب
[ ص: 207 ] حسن . ويجوز أن ينصب صما ب " تركهم " ، كأنه قال : وتركهم صما بكما عميا ، فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على يبصرون . والصمم في كلام العرب : الانسداد ، يقال : قناة صماء إذا لم تكن مجوفة . وصممت القارورة إذا سددتها . فالأصم : من انسدت خروق مسامعه . والأبكم : الذي لا ينطق ولا يفهم ، فإذا فهم فهو الأخرس . وقيل : الأخرس والأبكم واحد . ويقال : رجل أبكم وبكيم ، أي أخرس بين الخرس والبكم ، قال :
فليت لساني كان نصفين منهما بكيم ونصف عند مجرى الكواكب
والعمى : ذهاب البصر ، وقد عمي فهو أعمى ، وقوم عمي ، وأعماه الله . وتعامى الرجل : أرى ذلك من نفسه . وعمي عليه الأمر إذا التبس ، ومنه قوله تعالى :
فعميت عليهم الأنباء يومئذ . وليس الغرض مما ذكرناه نفي الإدراكات عن حواسهم جملة ، وإنما الغرض نفيها من جهة ما ، تقول : فلان أصم عن الخنا . ولقد أحسن الشاعر حيث قال :
أصم عما ساءه سميع
وقال آخر :
وعوراء الكلام صممت عنها ولو أني أشاء بها سميع
وقال
الدارمي :
أعمى إذا ما جارتي خرجت حتى يواري جارتي الجدر
وقال بعضهم في وصاته لرجل يكثر الدخول على الملوك :
ادخل إذا ما دخلت أعمى واخرج إذا ما خرجت أخرس
وقال
قتادة : صم عن استماع الحق ، بكم عن التكلم به ، عمي عن الإبصار له . قلت : وهذا المعنى هو المراد في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ولاة آخر الزمان في حديث
جبريل nindex.php?page=hadith&LINKID=830200وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض فذاك من أشراطها . والله أعلم .