قوله تعالى :
بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون
قوله تعالى :
بل قلوبهم في غمرة من هذا قال
مجاهد : أي في غطاء ، وغفلة ، وعماية عن القرآن . ويقال : غمره الماء إذا غطاه . ونهر غمر يغطي من دخله . ورجل غمر يغمره آراء الناس . وقيل : غمرة لأنها تغطي الوجه . ومنه دخل في غمار الناس وخمارهم ، أي فيما يغطيه من الجمع . وقيل :
بل قلوبهم في غمرة أي في حيرة وعمى ؛ أي مما وصف من أعمال البر في الآيات المتقدمة ؛ قاله
قتادة . أو من الكتاب الذي ينطق بالحق .
ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون قال
قتادة ، ومجاهد : أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها من دون الحق . وقال
الحسن ، وابن زيد : المعنى ولهم أعمال رديئة لم يعملوها من دون ما هم عليه ، لا بد أن يعملوها دون أعمال المؤمنين ، فيدخلون بها النار ، لما سبق لهم من الشقوة . ويحتمل ثالثا : أنه ظلم الخلق مع الكفر بالخالق ؛ ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . والمعنى متقارب .
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب يعني بالسيف يوم
بدر ؛ قاله
ابن عباس . وقال
الضحاك : يعني بالجوع حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500308اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف . فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أكلوا العظام ، والميتة ، والكلاب ، والجيف ، وهلك الأموال والأولاد .
إذا هم يجأرون أي يضجون ويستغيثون . وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور . وقال
الأعشى يصف بقرة :
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا
[ ص: 126 ] قال
الجوهري : الجؤار مثل الخوار ؛ يقال : جأر الثور يجأر أي صاح . وقرأ بعضهم ( عجلا جسدا له جؤار ) حكاه
الأخفش . وجأر الرجل إلى الله - عز وجل - تضرع بالدعاء .
قتادة : يصرخون بالتوبة فلا تقبل منهم . قال :
يراوح من صلوات المليك فطورا سجودا وطورا جؤارا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج :
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب هم الذين قتلوا
ببدر إذا هم يجأرون هم الذين
بمكة ؛ فجمع بين القولين المتقدمين ، وهو حسن .
لا تجأروا اليوم أي من عذابنا .
لا تنصرون لا تمنعون ولا ينفعكم جزعكم . وقال
الحسن : لا تنصرون بقبول التوبة . وقيل : معنى هذا النهي الإخبار ؛ أي إنكم إن تضرعتم لم ينفعكم .