قوله تعالى :
الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون قوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض فراشا فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
الذي جعل معناه هنا صير لتعديه إلى مفعولين : ويأتي بمعنى خلق ، ومنه قوله تعالى :
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة وقوله :
وجعل الظلمات والنور ويأتي بمعنى سمى ، ومنه قوله تعالى :
حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا . وقوله :
وجعلوا له من عباده جزءا .
وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا [ ص: 219 ] أي سموهم . ويأتي بمعنى أخذ ، كما قال الشاعر :
وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة لضغمهما ها يقرع العظم نابها
وقد تأتي زائدة ، كما قال الآخر :
وقد جعلت أرى الاثنين أربعة والواحد اثنين لما هدني الكبر
وقد قيل في قوله تعالى
وجعل الظلمات والنور : إنها زائدة . وجعل واجتعل بمعنى واحد ، قال الشاعر :
ناط أمر الضعاف واجتعل اللي ل كحبل العادية الممدود
فراشا أي وطاء يفترشونها ويستقرون عليها . وما ليس بفراش كالجبال والأوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها ; لأن الجبال كالأوتاد كما قال :
ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا . والبحار تركب إلى سائر منافعها كما قال :
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس