قوله تعالى : وقال الذين لا يرجون لقاءنا يريد لا يخافون البعث ولقاء الله ، أي لا يؤمنون بذلك . قال [
أبو ذؤيب ] :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل
وقيل :
لا يرجون لا يبالون . قال [
nindex.php?page=showalam&ids=290خبيب بن عدي ] :
لعمرك ما أرجو إذا كنت مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
ابن شجرة : لا يأملون ، قال :
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب
[ ص: 21 ] لولا أنزل أي هلا أنزل
علينا الملائكة فيخبروا أن
محمدا صادق .
أو نرى ربنا عيانا فيخبرنا برسالته . نظيره قوله تعالى :
وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا إلى قوله :
أو تأتي بالله والملائكة قبيلا . قال الله تعالى :
لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا حيث سألوا الله الشطط ; لأن الملائكة لا ترى إلا عند الموت أو عند نزول العذاب ، والله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، فلا عين تراه . وقال مقاتل : عتوا علوا في الأرض . والعتو : أشد الكفر وأفحش الظلم . وإذا لم يكتفوا بالمعجزات وهذا القرآن فكيف يكتفون بالملائكة ؟ وهم لا يميزون بينهم وبين الشياطين ، ولا بد لهم من معجزة يقيمها من يدعي أنه ملك ، وليس للقوم طلب معجزة بعد أن شاهدوا معجزة ،
يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا يريد أن الملائكة لا يراها أحد إلا عند الموت : فتبشر المؤمنين بالجنة ، وتضرب المشركين والكفار بمقامع الحديد حتى تخرج أنفسهم .
ويقولون حجرا محجورا يريد تقول الملائكة حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال لا إله إلا الله ، وأقام شرائعها ; عن
ابن عباس وغيره . وقيل : إن ذلك يوم القيامة ; قاله
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية العوفي . قال
عطية : إذا كان يوم القيامة تلقى المؤمن بالبشرى : فإذا رأى ذلك الكافر تمناه فلم يره من الملائكة . وانتصب
يوم يرون بتقدير : لا بشرى للمجرمين يوم يرون الملائكة . يومئذ تأكيد ل
يوم يرون . قال
النحاس : لا يجوز أن يكون
يوم يرون منصوبا ب " بشرى " لأن " ما " في حيز النفي لا يعمل فيما قبله ، ولكن فيه تقدير أن يكون المعنى يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة ; ودل على هذا الحذف ما بعده ، ويجوز أن يكون التقدير : لا بشرى تكون يوم يرون الملائكة ، و ( يومئذ ) مؤكد . ويجوز أن يكون المعنى : اذكر يوم يرون الملائكة . ثم ابتدأ فقال :
لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا أي : وتقول الملائكة حراما محرما أن تكون لهم البشرى إلا للمؤمنين . قال الشاعر :
ألا أصبحت أسماء حجرا محرما وأصبحت من أدنى حموتها حما
أراد : ألا أصبحت أسماء حراما محرما .
وقال آخر : [ هو
المتلمس ] :
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها حجر حرام ألا تلك الدهاريس
وروي عن الحسن أنه قال :
ويقولون حجرا وقف من قول المجرمين ; فقال الله عز وجل :
محجورا عليهم أن يعاذوا أو يجاروا ; فحجر الله ذلك عليهم يوم القيامة . والأول
[ ص: 22 ] قول
ابن عباس . وبه قال
الفراء ; قاله
ابن الأنباري . وقرأ
الحسن وأبو رجاء :
حجرا بضم الحاء والناس على كسرها . وقيل : إن ذلك من قول الكفار قالوه لأنفسهم ، قاله
قتادة فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وقيل : هو قول الكفار للملائكة ، وهي كلمة استعاذة وكانت معروفة في الجاهلية ; فكان إذا لقي الرجل من يخافه قال : حجرا محجورا ; أي حراما عليك التعرض لي . وانتصابه على معنى : حجرت عليك ، أو حجر الله عليك ; كما تقول : سقيا ورعيا . أي إن المجرمين إذا رأوا الملائكة يلقونهم في النار قالوا : نعوذ بالله منكم ; ذكره
القشيري ، وحكى معناه
المهدوي عن
مجاهد . وقيل :
حجرا من قول المجرمين
محجورا من قول الملائكة ، أي قالوا للملائكة نعوذ بالله منكم أن تتعرضوا لنا . فتقول الملائكة :
محجورا أن تعاذوا من شر هذا اليوم ; قاله الحسن .