قوله تعالى :
ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا .
قوله تعالى : ولقد صرفناه بينهم يعني القرآن ، وقد جرى ذكره في أول السورة : قوله تعالى :
تبارك الذي نزل الفرقان . وقوله :
لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وقوله :
اتخذوا هذا القرآن مهجورا .
ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا أي جحودا له وتكذيبا به . وقيل :
ولقد صرفناه بينهم هو المطر . روي عن
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : وأنه ليس عام بأكثر مطرا من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء ، فما زيد لبعض نقص من غيرهم . فهذا معنى التصريف . وقيل :
صرفناه بينهم وابلا وطشا وطلا ورهاما -
الجوهري : الرهام الأمطار اللينة - ورذاذا . وقيل : تصريفه تنويع الانتفاع به في الشرب والسقي والزراعات به والطهارات وسقي البساتين والغسل وشبهه .
ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا قال
عكرمة : هو قولهم في الأنواء : مطرنا بنوء كذا . قال
النحاس : ولا نعلم بين أهل التفسير اختلافا أن الكفر هاهنا قولهم : مطرنا بنوء كذا وكذا ; وأن نظيره : فعل النجم كذا ، وأن كل من نسب إليه فعلا فهو كافر . وروى
الربيع بن صبيح قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864298مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فلما أصبح قال النبي صلى الله عليه وسلم : أصبح الناس فيها رجلين : شاكر وكافر فأما الشاكر فيحمد [ ص: 56 ] الله تعالى على سقياه وغياثه وأما الكافر فيقول مطرنا بنوء كذا وكذا . وهذا متفق على صحته بمعناه وسيأتي في الواقعة إن شاء الله وروي من حديث
ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ما من سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي صرف الله ذلك إلى غيرهم فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار . وقيل : التصريف راجع إلى الريح ، وقد مضى في ( البقرة ) بيانه . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : ليذكروا مخففة الذال من الذكر . الباقون مثقلا من التذكر . أي ليذكروا نعم الله ويعلموا أن من أنعم بها لا يجوز الإشراك به ، فالتذكر قريب من الذكر غير أن التذكر يطلق فيما بعد عن القلب فيحتاج إلى تكلف في التذكر .