قوله تعالى :
الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا .
قوله تعالى :
الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام تقدم في الأعراف . و ( الذي ) في موضع خفض نعتا للحي . وقال : بينهما ولم يقل بينهن ; لأنه أراد الصنفين والنوعين والشيئين ; كقول
القطامي :
ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا
أراد وحبال تغلب ، فثنى والحبال جمع ; لأنه أراد الشيئين والنوعين .
الرحمن فاسأل به خبيرا قال
الزجاج : المعنى فاسأل عنه . وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء تكون بمعنى ( عن ) كما قال تعالى :
سأل سائل بعذاب واقع وقال الشاعر :
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
وقال
علقمة بن عبدة :
فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب
أي عن النساء ، وعما لم تعلمي . وأنكره
علي بن سليمان وقال : أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن ; لأن في هذا إفسادا لمعاني قول العرب : لو لقيت فلانا للقيك به
[ ص: 62 ] الأسد ; أي للقيك بلقائك إياه الأسد . المعنى فاسأل بسؤالك إياه خبيرا . وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير : الخبير هو الله تعالى . ف خبيرا نصب على المفعول به بالسؤال .
قلت : قول
الزجاج يخرج على وجه حسن ، وهو أن يكون الخبير غير الله ، أي فاسأل عنه خبيرا ، أي عالما به ، أي بصفاته وأسمائه . وقيل : المعنى فاسأل له خبيرا ، فهو نصب على الحال من الهاء المضمرة . قال
المهدوي : ولا يحسن حالا إذ لا يخلو أن تكون الحال من السائل أو المسئول ، ولا يصح كونها حالا من الفاعل ; لأن الخبير لا يحتاج أن يسأل غيره . ولا يكون من المفعول لأن المسئول عنه وهو الرحمن خبير أبدا ، والحال في أغلب الأمر يتغير وينتقل ; إلا أن يحمل على أنها حال مؤكدة ; مثل :
وهو الحق مصدقا فيجوز . وأما " الرحمن " ففي رفعه ثلاثة أوجه : يكون بدلا من المضمر الذي في " استوى " . ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى : هو الرحمن . ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وخبره :
فاسأل به خبيرا . ويجوز الخفض بمعنى وتوكل على الحي الذي لا يموت الرحمن ; يكون نعتا . ويجوز النصب على المدح .