قوله تعالى : يوم لا ينفع مال ولا بنون ( يوم ) بدل من ( يوم ) الأول . أي يوم لا ينفع مال ولا بنون أحدا . والمراد بقوله : " ولا بنون " الأعوان ; لأن الابن إذا لم ينفع فغيره متى ينفع ؟ وقيل : ذكر البنين لأنه جرى ذكر والد
إبراهيم ، أي لم ينفعه
إبراهيم .
إلا من أتى الله بقلب سليم هو استثناء من الكافرين ; أي لا ينفعه ماله ولا بنوه . وقيل : هو استثناء من غير الجنس ، أي لكن
من أتى الله بقلب سليم ينفعه لسلامة قلبه . وخص القلب بالذكر ; لأنه الذي إذا سلم سلمت الجوارح ، وإذا فسد فسدت سائر الجوارح . وقد تقدم في أول ( البقرة ) . واختلف في القلب السليم فقيل : من الشك والشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد ; قاله
قتادة وابن زيد وأكثر المفسرين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : القلب السليم الصحيح هو قلب المؤمن ; لأن قلب الكافر والمنافق مريض ; قال الله تعالى :
في قلوبهم مرض وقال
أبو عثمان السياري : هو القلب الخالي عن البدعة المطمئن إلى السنة . وقال
الحسن : سليم من آفة المال والبنين . وقال
الجنيد : السليم - في اللغة - اللديغ ; فمعناه أنه قلب كاللديغ من خوف الله . وقال
الضحاك : السليم : الخالص .
قلت : وهذا القول يجمع شتات الأقوال بعمومه وهو حسن ، أي الخالص من الأوصاف الذميمة ، والمتصف بالأوصاف الجميلة ; والله أعلم . وقد روي عن
عروة أنه قال : يا بني لا
[ ص: 108 ] تكونوا لعانين فإن
إبراهيم لم يلعن شيئا قط ، قال الله تعالى :
إذ جاء ربه بقلب سليم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور . وفي صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832197يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير يريد - والله أعلم - أنها مثلها في أنها خالية من كل ذنب ، سليمة من كل عيب ، لا خبرة لهم بأمور الدنيا ; كما روى
أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500466أكثر أهل الجنة البله وهو حديث صحيح . أي البله عن معاصي الله . قال
الأزهري : الأبله هنا هو الذي طبع على الخير وهو غافل عن الشر لا يعرفه . وقال
القتبي : البله هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس .