قوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخرة هذه قراءة أكثر الناس منهم
عاصم وشيبة ونافع ويحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي . وقرأ
أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وحميد : ( بل أدرك ) من الإدراك . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار وأخوه
سليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ( بل
[ ص: 210 ] ادرك ) غير مهموز مشددا . وقرأ
ابن محيصن : ( بل أدارك ) على الاستفهام . وقرأ
ابن عباس : ( بلى ) بإثبات الياء ( أدارك ) بهمزة قطع والدال مشددة وألف بعدها ; قال
النحاس : وإسناده إسناد صحيح ، هو من حديث
شعبة يرفعه إلى
ابن عباس . وزعم
هارون القارئ أن قراءة
أبي ( بل تدارك علمهم ) وحكى
الثعلبي أنها في حرف
أبي ( أم تدارك ) والعرب تضع ( بل ) موضع ( أم ) و ( أم ) موضع ( بل ) إذا كان في أول الكلام استفهام ; كقول الشاعر :
فوالله لا أدري أسلمي تقولت أم القول أم كل إلي حبيب
أي : بل كل .
قال
النحاس : القراءة الأولى والأخيرة معناهما واحد ، لأن أصل ( ادارك ) : تدارك ; أدغمت الدال في التاء وجيء بألف الوصل ; وفي معناه قولان :
أحدهما : أن المعنى : بل تكامل علمهم في الآخرة ; لأنهم رأوا كل ما وعدوا به معاينة فتكامل علمهم به .
والقول الآخر : أن المعنى : بل تتابع علمهم اليوم في الآخرة ; فقالوا تكون وقالوا لا تكون . القراءة الثانية فيها أيضا قولان :
أحدهما : أن معناه كمل في الآخرة ; وهو مثل الأول ; قال
مجاهد : معناه يدرك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها حين لا ينفعهم علمهم ; لأنهم كانوا في الدنيا مكذبين .
والقول الآخر : أنه على معنى الإنكار ; وهو مذهب
أبي إسحاق ; واستدل على صحة هذا القول بأن بعده
بل هم منها عمون أي لم يدرك علمهم علم الآخرة . وقيل : بل ضل وغاب علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم . والقراءة الثالثة : ( بل ادرك ) فهي بمعنى : بل ادارك . وقد يجيء ( افتعل وتفاعل ) بمعنى ; ولذلك صحح ( ازدوجوا ) حين كان بمعنى ( تزاوجوا ) . القراءة الرابعة ليس فيها إلا قول واحد يكون فيه معنى الإنكار ; كما تقول : أأنا قاتلتك ؟ ! فيكون المعنى لم يدرك ; وعليه ترجع قراءة
ابن عباس ; قال
ابن عباس :
بل ادارك علمهم في الآخرة أي لم يدرك . قال
الفراء : وهو قول حسن كأنه وجهه إلى الاستهزاء بالمكذبين بالبعث ، كقولك لرجل تكذبه : بلى لعمري قد أدركت السلف فأنت تروي ما لا أروي . وأنت تكذبه . وقراءة سابعة : ( بل ادرك ) بفتح اللام ; عدل إلى الفتحة لخفتها . وقد حكي نحو ذلك عن
قطرب في ( قم الليل ) فإنه عدل إلى الفتح . وكذلك و ( بع الثوب ) ونحوه . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في الكتاب : وقرئ ( بل أأدرك ) بهمزتين ( بل أدرك ) بألف بينهما ( بلى أأدرك ) ( أم تدارك ) ( أم أدرك ) فهذه ثنتا عشرة قراءة ، ثم أخذ يعلل وجوه القراءات وقال : فإن قلت فما وجه قراءة ( بل أدرك ) على الاستفهام ؟ قلت : هو استفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم ، وكذلك من قرأ : ( أم أدرك ) و ( أم تدارك ) لأنها ( أم ) التي بمعنى ( بل والهمزة ) وأما من قرأ : ( بلى أأدرك ) على الاستفهام فمعناه : بلى يشعرون متى يبعثون ، ثم أنكر علمهم بكونها ، وإذا أنكر علمهم بكونها لم يتحصل لهم شعور وقت كونها ; لأن العلم بوقت الكائن
[ ص: 211 ] تابع للعلم بكون الكائن .
في الآخرة في شأن الآخرة ومعناها .
بل هم في شك منها أي في الدنيا .
بل هم منها عمون أي بقلوبهم واحدهم عمو . وقيل : عم ، وأصله عميون حذفت الياء لالتقاء الساكنين ولم يجز تحريكها لثقل الحركة فيها .