قوله تعالى :
قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون .
قوله تعالى :
قال إنما أوتيته على علم عندي يعني علم التوراة . وكان فيما روي من أقرأ الناس لها . ومن أعلمهم بها وكان أحد العلماء السبعين الذي اختارهم
موسى للميقات . وقال
ابن زيد : أي إنما أوتيته لعلمه بفضلي ورضاه عني . فقوله : عندي معناه إن عندي أن الله تعالى آتاني هذه الكنوز على علم منه باستحقاقي إياها لفضل في وقيل : أوتيته على علم من عندي بوجوه التجارة والمكاسب ; قاله
علي بن عيسى . ولم يعلم أن الله لو لم يسهل له اكتسابها لما اجتمعت عنده . وقال
ابن عباس : على علم عندي بصنعة الذهب وأشار إلى علم الكيمياء . وحكى
النقاش : أن
موسى عليه السلام علمه الثلث من صنعة الكيمياء ،
ويوشع الثلث ،
وهارون الثلث ، فخدعهما
قارون - وكان على إيمانه - حتى علم ما عندهما وعمل الكيمياء ، فكثرت أمواله . وقيل : إن
موسى علم الكيمياء ثلاثة ;
يوشع بن نون ،
وكالب بن يوفنا ،
وقارون ، واختار
الزجاج القول الأول ، وأنكر قول من قال إنه يعمل الكيمياء ; قال : لأن
[ ص: 290 ] الكيمياء باطل لا حقيقة له . وقيل : إن
موسى علم أخته علم الكيمياء ، وكانت زوجة
قارون وعلمت أخت
موسى قارون ; والله أعلم .
قوله تعالى :
أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله أي بالعذاب من القرون أي الأمم الخالية الكافرة
من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا أي للمال ، ولو كان المال يدل على فضل لما أهلكهم ، وقيل : القوة الآلات ، والجمع الأعوان والأنصار ، والكلام خرج مخرج التقريع من الله تعالى
لقارون ; أي أولم يعلم
قارون أن الله قد أهلك من قبله من القرون .
ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون أي لا يسألون سؤال استعتاب كما قال :
ولا هم يستعتبون فما هم من المعتبين وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ لقوله :
فوربك لنسألنهم أجمعين قاله
الحسن . وقال
مجاهد : لا تسأل الملائكة غدا عن المجرمين ، فإنهم يعرفون بسيماهم ، فإنهم يحشرون سود الوجوه زرق العيون وقال
قتادة : لا يسأل المجرمون عن ذنوبهم لظهورها وكثرتها ، بل يدخلون النار بلا حساب . وقيل : لا يسأل مجرمو هذه الأمة عن ذنوب الأمم الخالية الذين عذبوا في الدنيا . وقيل : أهلك من أهلك من القرون عن علم منه بذنوبهم فلم يحتج إلى مسألتهم عن ذنوبهم .