قوله تعالى :
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون .
قوله تعالى :
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ختم السورة ببشارة نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم برده إلى
مكة قاهرا لأعدائه . وقيل : هو بشارة له بالجنة والأول أكثر وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومجاهد وغيرهم . قال
القتبي : معاد الرجل : بلده ، لأنه ينصرف ثم يعود . وقال
مقاتل : خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الغار ليلا مهاجرا إلى
المدينة في غير الطريق مخافة الطلب ، فلما رجع إلى الطريق ونزل
الجحفة عرف الطريق إلى
مكة فاشتاق إليها فقال له
جبريل إن الله يقول :
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد أي إلى
مكة ظاهرا
[ ص: 295 ] عليها . قال
ابن عباس : نزلت هذه الآية
بالجحفة ليست مكية ولا مدنية وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس إلى معاد قال : إلى الموت . وعن
مجاهد أيضا
وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري والحسن : أن المعنى لرادك إلى يوم القيامة ، وهو اختيار
الزجاج يقال : بيني وبينك المعاد ; أي يوم القيامة ; لأن الناس يعودون فيه أحياء . وفرض معناه أنزل وعن
مجاهد أيضا وأبي
مالك وأبي صالح : ( إلى معاد ) إلى الجنة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا ; لأنه دخلها ليلة الإسراء وقيل : لأن أباه
آدم خرج منها . قل ربي أعلم أي قل لكفار
مكة إذا قالوا إنك لفي ضلال مبين
ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين أنا أم أنتم .
قوله تعالى :
وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب أي ما علمت أننا نرسلك إلى الخلق وننزل عليك القرآن إلا رحمة من ربك قال
الكسائي : هو استثناء منقطع بمعنى ( لكن )
فلا تكونن ظهيرا للكافرين أي عونا لهم ومساعدا وقد تقدم في هذه السورة .
قوله تعالى :
ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك يعني أقوالهم وكذبهم وأذاهم ، ولا تلتفت نحوهم وامض لأمرك وشأنك . وقرأ
يعقوب : يصدنك مجزوم النون . وقرئ : ( يصدنك ) من أصده بمعنى صده وهى لغة في
كلب قال الشاعر :
أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم صدود السواقي عن أنوف الحوائم
وادع إلى ربك أي إلى التوحيد وهذا يتضمن المهادنة والموادعة وهذا كله منسوخ بآية السيف . وسبب هذه الآية
ما كانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تعظيم أوثانهم وعند ذلك ألقى الشيطان في أمنيته أمر الغرانيق على ما تقدم . والله أعلم .
قوله تعالى : ولا تدع مع الله إلها آخر أي لا تعبد معه غيره فإنه لا إله إلا هو نفي لكل معبود وإثبات لعبادته
كل شيء هالك إلا وجهه قال
مجاهد : معناه إلا هو . وقال الصادق : دينه . وقال
أبو العالية وسفيان : أي إلا ما أريد به وجهه ; أي ما يقصد إليه بالقربة . قال :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل
[ ص: 296 ] وقال
محمد بن يزيد : حدثني
الثوري قال سألت
أبا عبيدة عن قوله تعالى :
كل شيء هالك إلا وجهه فقال : إلا جاهه ، كما تقول : لفلان وجه في الناس ، أي : جاه . له الحكم في الأولى والآخرة وإليه ترجعون . قال
الزجاج : ( وجهه ) منصوب على الاستثناء ، ولو كان في غير القرآن كان : ( إلا وجهه ) بالرفع ، بمعنى : كل شيء غير وجهه هالك . كما قال [ الشاعر
عمرو بن معديكرب ] :
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
والمعنى كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه . ( وإليه ترجعون ) بمعنى ترجعون إليه .
تمت سورة القصص والحمد لله