قوله تعالى :
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون .
فيه مسألتان :
الأولى : اختلف العلماء في قوله تعالى :
ولا تجادلوا أهل الكتاب فقال
مجاهد : هي محكمة فيجوز
مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه على حججه وآياته ; رجاء إجابتهم إلى الإيمان ، لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة . وقوله على هذا :
إلا الذين ظلموا منهم معناه : ظلموكم ، وإلا فكلهم ظلمة
[ ص: 323 ] على الإطلاق . وقيل : المعنى : لا تجادلوا من آمن
بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام ومن آمن معه .
إلا بالتي هي أحسن أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم وغير ذلك . وقوله على هذا التأويل :
إلا الذين ظلموا يريد به من بقي على كفره منهم ، كمن كفر وغدر من
قريظة والنضير وغيرهم . والآية على هذا أيضا محكمة . وقيل : هذه الآية منسوخة بآية القتال ; قوله تعالى :
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله قاله
قتادة إلا الذين ظلموا أي جعلوا لله ولدا ، وقالوا :
يد الله مغلولة و
إن الله فقير فهؤلاء المشركون الذين نصبوا الحرب ولم يؤدوا الجزية فانتصروا منهم . قال
النحاس وغيره : من قال هي منسوخة احتج بأن الآية مكية ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض ولا طلب جزية ولا غير ذلك وقول
مجاهد حسن ; لأن أحكام الله عز وجل لا يقال فيها : إنها منسوخة ، إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول . واختار هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي .
قال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : وقوله :
إلا الذين ظلموا منهم معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية .
الثانية : قوله تعالى :
وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832267كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832268لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تكذبوا بحق وإما أن تصدقوا بباطل . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : عن
حميد بن عبد الرحمن سمع
معاوية يحدث رهطا من
قريش بالمدينة وذكر
كعب الأحبار فقال : إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب .