قوله تعالى :
وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون .
قوله تعالى : وعد الله لا يخلف الله وعده ؛ لأن كلامه صدق . .
ولكن أكثر الناس لا يعلمون وهم الكفار وهم أكثر . وقيل المراد : مشركو
مكة . وانتصب
وعد الله على المصدر ; أي وعد ذلك وعدا . ثم بين تعالى مقدار ما يعلمون فقال :
يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ؛ يعني أمر معايشهم ودنياهم : متى يزرعون ومتى يحصدون ، وكيف يغرسون وكيف يبنون ; قاله
ابن عباس وعكرمة وقتادة . وقال
الضحاك : هو بنيان قصورها ، وتشقيق أنهارها وغرس أشجارها ; والمعنى واحد . وقيل : هو ما تلقيه الشياطين إليهم من أمور الدنيا
[ ص: 9 ] عند استراقهم السمع من سماء الدنيا ; قاله
سعيد بن جبير . وقيل : الظاهر والباطن ; كما قال في موضع آخر
أم بظاهر من القول .
قلت : وقول
ابن عباس أشبه بظاهر الحياة الدنيا ، حتى لقد قال
الحسن : بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقد الدرهم فيخبرك بوزنه ولا يحسن أن يصلي . وقال
أبو العباس المبرد : قسم كسرى أيامه فقال : يصلح يوم الريح للنوم ، ويوم الغيم للصيد ، ويوم المطر للشرب واللهو ، ويوم الشمس للحوائج . قال
ابن خالويه : ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم ، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا .
وهم عن الآخرة أي عن العلم بها والعمل لها
هم غافلون قال بعضهم :
ومن البلية أن ترى لك صاحبا في صورة الرجل السميع المبصر فطن بكل مصيبة في ماله
وإذا يصاب بدينه لم يشعر