قوله تعالى : وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون .
قوله تعالى :
وقالوا أئذا ضللنا في الأرض هذا قول منكري البعث ; أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا . وأصله من قول العرب : ضل الماء في اللبن إذا ذهب . والعرب تقول للشيء غلب عليه حتى خفي فيه أثره : قد ضل . قال
الأخطل :
كنت القذى في موج أكدر مزبد قذف الأتي به فضل ضلالا
وقال
قطرب : معنى ضللنا غبنا في الأرض . وأنشد قول
النابغة الذبياني :
فآب مضلوه بعين جلية 76 وغودر بالجولان حزم ونائل
وقرأ
ابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=17344ويحيى بن يعمر : ( ضللنا ) بكسر اللام ، وهي لغة . قال
الجوهري : وقد ضللت أضل قال الله تعالى :
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي . فهذه لغة نجد
[ ص: 86 ] وهي الفصيحة . وأهل العالية يقولون : ( ضللت ) - بكسر اللام - أضل . وهو ضال تال ، وهي الضلالة والتلالة . وأضله أي أضاعه وأهلكه . يقال : أضل الميت إذا دفن . قال :
فآب مضلوه
. . البيت .
ابن السكيت : أضللت بعيري إذا ذهب منك . وضللت المسجد والدار : إذا لم تعرف موضعهما . وكذلك كل شيء مقيم لا يهتدى له . وفي الحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=832313لعلي أضل الله " يريد أضل عنه ، أي أخفى عليه ، من قوله تعالى :
أئذا ضللنا في الأرض أي خفينا . وأضله الله فضل ; تقول : إنك تهدي الضال ولا تهدي المتضال . وقرأ
الأعمش والحسن : ( صللنا ) بالصاد ; أي أنتنا . وهي قراءة
علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
النحاس : ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يقال : صل اللحم وأصل ، وخم وأخم إذا أنتن .
الجوهري : صل اللحم يصل - بالكسر - صلولا ، أي أنتن ، مطبوخا كان أو نيئا . قال
الحطيئة :
ذاك فتى يبذل ذا قدره لا يفسد اللحم لديه الصلول
وأصل مثله : ( إنا لفي خلق جديد ) ؛ أي نخلق بعد ذلك خلقا جديدا ؟ ويقرأ : أئنا .
النحاس : وفي هذا سؤال صعب من العربية ; يقال : ما العامل في ( إذا ) ؟ و ( إن ) لا يعمل ما بعدها فيما قبلها . والسؤال في الاستفهام أشد ; لأن ما بعد الاستفهام أجدر ألا يعمل فيما قبله من ( إن ) ؛ كيف وقد اجتمعا ؟ فالجواب على قراءة من قرأ : ( إنا ) أن العامل ضللنا ، وعلى قراءة من قرأ : ( أئنا ) أن العامل مضمر ، والتقدير أنبعث إذا متنا . وفيه أيضا سؤال آخر ، يقال : أين جواب ( إذا ) على القراءة الأولى لأن فيها معنى الشرط ؟ فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا ; فلذلك جاز هذا .
بل هم بلقاء ربهم كافرون أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة ; لأنهم يعترفون بقدرته ؛ ولكنهم اعتقدوا أن لا حساب عليهم ، وأنهم لا يلقون الله تعالى .