[ ص: 97 ] قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون .
قرأ
حمزة : ( ما أخفي لهم ) بإسكان الياء . وفتحها الباقون . وفي قراءة
عبد الله ( ما نخفي ) بالنون مضمومة . وروى
المفضل عن
الأعمش ( ما يخفى لهم ) بالياء المضمومة وفتح الفاء . وقرأ
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة : ( من قرات أعين ) . فمن أسكن الياء من قوله : ( ما أخفي ) فهو مستقبل وألفه ألف المتكلم . و ( ما ) في موضع نصب ب ( أخفي ) وهي استفهام ، والجملة في موضع نصب لوقوعها موقع المفعولين ، والضمير العائد على ( ما ) محذوف . ومن فتح الياء فهو فعل ماض مبني للمفعول . و ( ما ) في موضع رفع بالابتداء ، والخبر أخفي وما بعده ، والضمير في أخفي عائد على ما . قال
الزجاج : ويقرأ ( ما أخفى لهم ) بمعنى ما أخفى الله لهم ; وهي قراءة
محمد بن كعب ، و ( ما ) في موضع نصب .
المهدوي : ومن قرأ : ( قرات أعين ) فهو جمع قرة ، وحسن الجمع فيه لإضافته إلى جمع ، والإفراد لأنه مصدر ، وهو اسم للجنس . وقال
أبو بكر الأنباري : وهذا غير مخالف للمصحف ; لأن تاء قرة تكتب تاء على لغة من يجري الوصل على الوقف ; كما كتبوا ( رحمت الله ) بالتاء . ولا يستنكر سقوط الألف من ( قرات ) في الخط وهو موجود في اللفظ ; كما لم يستنكر سقوط الألف من السماوات وهي ثابتة في اللسان والنطق . والمعنى المراد : أنه أخبر تعالى بما لهم من النعيم الذي لم تعلمه نفس ولا بشر ولا ملك . وفي معنى هذه الآية : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864539 ( قال الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر - ثم قرأ هذه الآية - تتجافى جنوبهم عن المضاجع - إلى قوله - بما كانوا يعملون ) خرجه الصحيح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي . وقال
ابن مسعود : في التوراة مكتوب : على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . وقال
ابن عباس : الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره .
قلت : وهذه الكرامة إنما هي لأعلى أهل الجنة منزلا ; كما جاء مبينا في صحيح
مسلم [ ص: 98 ] عن
المغيرة بن شعبة يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832317سأل موسى عليه السلام ربه فقال : يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب ، كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب ، فيقال : هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ، فيقول : رضيت رب ، قال : رب فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر - قال - ومصداقه من كتاب الله قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) . وقد روي عن
المغيرة موقوفا قوله . وخرج
مسلم أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=832318يقول الله تبارك وتعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرا بله ما أطلعكم عليه - ثم قرأ - فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) . وقال
ابن سيرين : المراد به النظر إلى الله تعالى . وقال
الحسن : أخفى القوم أعمالا فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت .